للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على العرش استوى: أي ارتفع عليه وعلا.

وما تحت الثرى: الثرى التراب الندي يريد ما هو أسفل الأرضين السبع.

وأخفى: أي من السر، وهو ما علمه الله وقدر وجوده وهو كائن ولكن لم يكن بعد.

الحسنى: الحسنى مؤنث الأحسن المفضل على الحسن.

معنى الآيات:

قوله تعالى {طه} ١ لفظ طه جائز أن يكون من الحروف المقطعة، وجائز أن يكون معناه يا رجل٢ ورجح الأمر ابن جرير لوجوده في لغة العرب طه بمعنى يا رجل وعلى هذا فمعنى الكلام يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى رداً على النضر بن الحارث الذي قال إن محمداً شقي بهذا القرآن الذي أنزل عليه لما فيه من التكاليف فنفى الحق عزّ وجلّ ذلك وقال {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلاّ تذكرة لمن يخشى} وإنما أنزلناه ليكون٣ تذكرة ذكرى يذكر بها من يخشى ربه فيقبل على طاعته متحملاً في سبيل ذلك كل ما قد يلاقي في طريقه من أذى قومه المشركين بالله الكافرين بكتابه والمكذبين لرسوله، وقوله: {تنزيلاً٤ ممن خلق الأرض والسموات العلى} أي هذا القرآن الذي مما أنزلناه لتشقى به ولكن تذكرة لمن يخشى نُزِّل تنزيلاً من الله الذي خلق الأرض والسموات العلى: {الرحمن٥ على العرش استوى} أي رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما الذي استوى على عرشه استواءً يليق به يدبر أمر مخلوقاته، الذي {له٦ ما في السموات وما في


١ نزلت (طه) تبل إسلام عمر رضي الله عنه لما روي: أنه دخل على بيت ختنه سعيد بن زيد فوجده يقرأها مع زوجه فاطمة بنت الخطاب أخت عمر رضي الله عنهم أجمعين فطلبها فلم يُعطها حتى اغتسل فلمّا قرأها لان قلبه ورق للإسلام.
٢ قيل: إن طه بمعنى: يا رجل لغة معروفة في عكل حتى إنك إذا ناديت المرء بيا رجل لم يجبك حتى تقول: طه وأنشد الطبري في هذا قول الشاعر:
دعوت بطه في القتال فلم يجب
فخفت عليه أن يكون مزيلاً
٣التذكرة: خطور المنسي بالذهن لأنّ التوحيد مستقر في الفطرة والإشراك مناف لها فسماع القرآن كقراءته يثير كامن التوحيد في فطرة الإنسان.
(تنزيلا) حال من القرآن، المراد منها التنويه بشأن القرآن والإعلان عن خطره.
(الرحمن) يجوز أن تكون خبراً لمبتدأ محذوف أي: هو الرحمن جل جلاله. ويجوز أن تكون مبتدأ واختير اسم الرحمن لأن المشركين ينكرون اسم الرحمن جهلاً منهم وعناداً.
٦ تقديم الجار والمجرور: مؤذن بالحصر، وهو كذلك، إذ ليس لأحد ملك السموات والأرض وما فيهما وما بينهما وما تحت الثرى سواه عزّ وجلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>