للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى الآيات:

يقول تعالى منذراً قريشاً أن يحل بها ما حل بغيرها ممن أصروا على التكذيب والعناد {وكم قصمنا} أي أهلكنا وأبدنا إبادة كاملة {من قرية١} أي أهل قرية {كانت ظالمة} أي كان أهلها ظالمين بالشرك والمعاصي والمكابرة والعناد، {وأنشأنا بعدها قوماً آخرين} هم خير من أولئك الهالكين. وقوله تعالى: {فلما أحسوا٢ بأسنا إذا هم منها يركضون} أي فلما أحسَّ أولئك الظالمون {بأسنا} أي شعروا به وأدركوه بحواسهم بأسماعهم وأبصارهم {إذ هم منها} من تلك القرية يركضون هاربين فراراً من الموت. والملائكة تقول لهم توبيخاً لهم وتقريعاً: لا تركضوا هاربين {وارجعوا إلى ما أُترفتم فيه} نُعِمْتُم فيه من وافِرِ الطعام والشراب والكساء والمسكن والمركب {لعلكم تسألون} على العادة عن شيء من أموركم وأمور دنياكم٣، فكان جوابهم ما أخبر تعالى به عنهم: {قالوا يا ويلنا} أي يا هلاكنا أحضر هذا أو آن حضورك إنا كنا ظالمين أنفسنا بالشرك والمعاصي والتكذيب والعناد. قال تعالى: {فما زالت تلك دعواهم} أي ما زال قولهم {يا ويلنا إنا كنا ظالمين} تلك دعوتهم٤ التي يرددونها {حتى جعلناهم حصيداً٥ خامدين} أي مُجتثين من أصولهم ساقطين في الأرض خامدين لا حراك لهم كالنار إذا أُخمدت فلم يبق لها لهيب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- التنديد بالظلم وأعلى درجاته الشرك بالله.

٢- جواز الاستهزاء بالمشرك الظالم إذا حل به العذاب تقريعاً له وتوبيخاً.

٣- لا تنفع التوبة عند معاينة العذاب لو طلبها الهالكون.

٤- شدة الهول ورؤية العذاب قد تفقد صاحبها رشده وصوابه فيهْذِرُ ولا يدري ما يقول.


١ قيل: هذه القرى هي مدائن كانت باليمن، والعموم ظاهر في السياق ولا داعي إلى حصره في مدائن اليمن بل هو شامل عاداً وثمود وأهل مدين والمؤتفكات، والقصم: الكسر يقال: قصم ظهر فلان: إذا كسره.
٢ الإحساس: الإدراك بالحس فيكون برؤية ما يزعجهم أو سماع أصوات مؤذنة بالهلاك كالصواعق والرياح.
٣ وهذا استهزاء بهم وتهكم وتقريع وتوبيخ لهم.
٤ أي: الكلمة التي يكررونها وهي: يا ويلنا إنا كنا ظالمين حتى هلكوا عن آخرهم.
٥ الحصد: جزّ الزرع والنبات بالمنجل لا باليد، وشاع إطلاق الحصيد على الزرع المحصود، والخامد الذي لا حراك له من خمدت النار إذا زال لهيبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>