للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى فعل الخير من صدقة وغيرها فقال: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} ولازمه أنه يثيب عليه ويجزي به. وأمر الحجاج أن يتزودوا لسفرهم في الحج بطعام وشراب يكفون به وجوههم عن السؤال فقال: وتزودوا، وأرشد إلى خير الزاد، وهو التقوى، ومن التقوى عدم سؤال الناس أموالهم والعبد غير محتاج وأمرهم بتقواه عز وجل، أي بالخوف منه حتى لا يعصوه في أمره ونهيه فقال: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} ، والله أحق أن يتقى؛ لأنه الواحد القهار، ثم أباح لهم الاتجار أثناء وجودهم في مكة ومنى فقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} يريد رزقاً حلالاً بطريق التجارة المباحة، ثم أمرهم بذكر الله تعالى في مزدلفة بصلاة المغرب والعشاء والصبح فيها وذلك بعد إفاضتهم من عرفة بعد غروب الشمس فقال عز من قائل: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ١ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ثم ذكرهم بنعمة هدايته لهم بعد الضلال الذي كانوا فيه وانتدبهم إلى شكره وذلك بالإكثار من ذكره فقال تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} ثم أمرهم بالمساواة في الوقوف بعرفة والإفاضة منها فليقفوا كلهم بعرفات، وليفيضوا جميعاً منها فقال عز وجل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} ، وذلك أن الحمس٢ كانوا يفيضون من أدنى عرفات حتى ينجوا من الزحمة ويسلموا الحطمة. وأخيراً أمرهم باستغفار الله أي: طلب المغفرة منه ووعدهم بالمغفرة بقوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- حرمة الرفث والفسوق والجدال في الإحرام.

٢- استحباب فعل الخيرات للحاج أثناء حجه ليعظم أجره ويبر حجه.

٣- إباحة الاتجار والعمل للحاج طلباً للرزق على أن لا يحج لأجل ذلك.

٤- وجوب٣ المبيت بمزدلفة لذكر الله تعالى.


١ الإجماع على أن من وقف بعرفة قبل الزوال وخرج منها قبل الزوال إنه ما حج، أما من وقف بعد الزوال وخرج قبل غروب الشمس فالجمهور على صحة حجه، وعليه ذبح شاه وقال مالك: يبطل حجه. والله أعلم.
٢ الحمس: جمع أحمس، من هو أشد تحمساً وحماسة لحماية الحرم وهم قريش ومن يمت إليهم بنسب وكانوا يقولون: نحن أهل الله في بلدته، وقبطان بيته.
٣ القول بركنية المبيت بمزدلفة قول شاذ لا يلتفت إليه، وأما الوجوب فمتأكد بالآية والحديث، والخروج منها بعد النزول بها بعد نصف الليل للعجزة والضعفة جائر بإذن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما هو ثابت في السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>