للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تشركون به، فقامت الحجة عليكم فأنتم الآن لا تستطيعون صرفاً للعذاب عنكم ولا نصراً أي ولا تجدون من ينصركم فيمنع العذاب عنكم.

وقوله تعالى: {ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيراً} هذا خطاب عام لسائر الناس يقول تعالى للناس ومن يشرك منكم بي أي يعبد غيري نذقه أي يوم القيامة عذاباً كبيراً وقوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك} أي يا رسولنا {من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ١} إذاً فلا تهتم بقول المشركين {ما لهذا الرسول يأكل الطعام} ولا تحفل به فإنهم يعرفون ذلك ولكنهم يكابرون ويجاحدون.

وقوله تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة٢} أي هذه سنتنا في خلقنا نبتلي بعضهم ببعض فنبتلي المؤمن بالكافر والغني بالفقير والصحيح بالمريض والشريف بالوضيع، وننظر من يصبر ومن يجزع ونجزي الصابرين بما يستحقون والجزعين كذلك.

وقوله تعالى: {أتصبرون} هذا الاستفهام معناه الأمر أي اصبروا إذاً ولا تجزعوا أيها المؤمنون من أذى المشركين والكافرين لكم. وقوله تعالى: {وكان ربك بصيرا} أي وكان ربك أيها الرسول بصيراً بمن يصبر وبمن يجزع فاصبر ولا تجزع فإنها دار الفتنة والامتحان وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- تقرير عقيدة البعث والجزاء.

٢- يا لهول الموقف إذا سئل المعبودون عمن عبدوهم، والمظلومون عمن ظلموهم.

٣- براءة الملائكة والأنبياء والأولياء من عبادة من عبدوهم.

٤- خطورة طول العمر وسعة الرزق إذ غالباً ما ينسى العبد بهما ربه ولقاءه.

٥- تقرير أن الدنيا دار ابتلاء فعلى أولى الحزم أن يعرفوا هذا ويخلصوا منها بالصبر والتحمل في ذات الله حتى يخرجوا منها ولو كفافاً لا لهم ولا عليهم.


١ أخرج مسلم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".
٢ هذه الجملة تذييلية الغرض منها التسلية للرسول صلى عليه وسلم والمؤمنين من أجل ما يلاقون من عناد المشركين وأذاهم. والاستفهام في: {أتصبرون} معناه الحث على الصبر والأمر به نحو قوله: {فهل أنتم منتهون} .
أي: عما حرّم من الخمر والميسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>