للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنها ساءت مستقراً ومقاماً: أي بئست مستقراً وموضع إقامة واستقرار.

لم يسرفوا ولم يقتروا: أي لم يبذروا ولم يضيقوا.

وكان بين ذلك قواماً: أي بين الإسراف والتقتير وسطاً.

التي حرم الله: وهي كل نفس آدمية إلا نفس الكافر المحارب.

إلا بالحق: وهو واحد من ثلاث: كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل ظلم وعدوان.

يلق أثاماً: أي عقوبة شديدة.

يبدل الله سيئاتهم حسنات: بأن يمحو بالتربة سوابق معاصيهم، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم.

معنى الآيات:

لما أنكر المشركون الرحمن {قالوا وما الرحمن} وأبوا أن يسجدوا للرحمن، وقالوا أن محمداً ينهانا عن الشرك وهو يدعو مع الله الرحمن فيقول يا الله يا رحمن، ناسب لتجاهلهم هذا الاسم الرحمن أن يذكر لهم صفات عباد الرحمن ليعرفوا الرحمن بعباده على حد "خيركم من إذا رُؤي ذُكر الله" فقال تعالى {وعباد الرحمن١} ووصفهم بثمان صفات وأخبر عنهم بما أعده لهم من كرامة يوم القيامة. الأولى في قوله {الذين يمشون على الأرض هوناً٢} أي ليسوا جبابرة متكبرين، ولا عصاة مفسدين ولكن يمشون متواضعين عليهم السكينة والوقار، {وإذا خاطبهم الجاهلون} أي السفهاء بما يكرهون من القول قالوا قولاً يسلمون٣ به من الإثم فلم يردوا السيئة بالسيئة ولكن بالحسنة.

الثانية: في قوله {والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} أي يقضون ليلهم بين السجود


١ {وعباد الرحمن} مبتدأ والخبر: إن أريد بهم أصحاب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة فالخبر: {الذين يمشون} وما بعده نعوت لهم وصفات، وإن أريد بهم عامة المؤمنين فالخبر: {أولئك يجزون الغرفة} والصلات الثمانية: صفات ونعوت لهم. وهذا الراجح.
٢ الهون: اللين والرفق، والمشي الهون: هو الذي ليس فيه ضرب بالأقدام وخفق النعال فهو غير مشي المتكبرين المعجبين بنفوسهم، وعباد الرحمن يمشون وعليهم السكينة والوقار وفى الحديث: "أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالايضاع وهو السير مثل الخبب" إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا زال زال تقلعاً ويخطو تكفؤا ويمشي هونا ذريع المشية كأنما ينحط من صبب، قيل: نعم هو كما وصف فالتقلع معناه رفع الرجل بقوة حتى لا يمشي مشية المتمسكن الذليل والذريع، الواسع الخطا ومعناه أنه كان يرفع رجله بسرعة ويوسع خطوه كأنما ينحط من صبب فأين هذا الهون المحمدي في المشي من الاختيال والتمايل إعجاباً بالنفس وضرب الأرض كأنما يريد أن يخرقها بنعله. والله تعالى قال: {ولا تمش في الأرض مرحا} والمرح: هو مشيُ الخيلاء، والفجر، وقال: {إنك لن تخرق الأرض} أي بضربك إياها برجليك بشدة. {ولن تبلغ الجبال طولا} مهما حاولت العلو والارتفاع.
٣ هذا كقوله تعالى: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} .

<<  <  ج: ص:  >  >>