للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعيان بلاده {أَيُّهَا الْمَلأُ (١) أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} فإني لا آخذه إلا قبل مجيئهم مسلمين لا بعده. فنطق عفريت من الجن قائلاً بما أخبر تعالى عنه به {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} أي مجلس قضائك والذي ينتهي عادة بنصف النهار، {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} أي قادر على حمله والإتيان به في هذا الوقت الذي حددت لكم وأمين على ما فيه من جواهر وذهب لا يضيع منه شيء. وهنا {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ (٢) } وهو سليمان عليه السلام {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} فافتح عينيك وانظر فلا يعود إليك طرفك إلا والعرش بين يديك، وسأل ربه باسمه الأعظم الذي ما دعي به إلا أجاب وإذا العرش بين يديه {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً} بين يديه لهج قائلا {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} أي علي فلم يكن لي به يد أبدا {لِيَبْلُوَنِي} بذلك {أَأَشْكُرُ} نعمته علي {أَمْ أَكْفُرُها} {وَمَنْ شَكَرَ (٣) } فلنفسه أي عائد الشكر يعود عليه بحفظ النعمة ونمائها {وَمَنْ كَفَرَ} أي النعمة {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} أي عن شكره وليس مفتقراً إليه، كريم قد يكرم الكافر للنعمة فلا يسلبها كلها منه أو يبقيها له على كفره.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- أهل الآخرة لا يفرحون بالدنيا، وأهل الدنيا لا يفرحون بالآخرة.

٢- استعمال أسلوب الإرهاب والتخويف مع القدرة على إنفاذه مع العدو أليق.

٣- تقرير أن سليمان كان يستخدم الجن وأنهم يخدمونه في أصعب الأمور.

٤- استجابة الله تعالى لسليمان فأحضر له العرش من مسافة شهرين أي من اليمن إلى الشام قبل ارتداد طرف

الناظر إذا فتح عينه ينظر.

٥- وجوب رد الفضل إلى أهله فسليمان قال {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} والجهال يقولون بثورتنا الخلاقة، وأبطالنا

البواسل.

٦- وجوب الشكر، وعائدته تعود على الشاكر فقط، ولكرم الله تعالى قد لا يسلب النعمة فور عدم شكرها

وذلك لحلمه تعالى وكرمه.


١- هذا استئناف ابتدائي أي: كلام غير مرتبط بما سبقه بنوع من الارتباط قريب.
٢- قال القرطبي: "جمهور المفسرين: أن الذي عنده علم من الكتاب هو آصف بن بريخا وقيل: هو سليمان عليه السلام، بقرينة قوله: هذا من فضل ربي، قال ابن عطية وقالت فرقة وهو سليمان عليه السلام. والمخاطبة في هذا التأويل للعفريب لما قال أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وكأن سليمان استبطأ ذلك فقال له على وجه التحقير أنا آتيك به ... الخ. قيل: يا حي يا قيوم: هو الاسم الأعظم.
٣- الشكر: قيد النعمة الموجودة وبه تنال النعمة المفقودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>