للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خشب مطلي بالقار، {وَلا تَخَافِي} عليه الهلاك {وَلا تَحْزَنِي} على فراقك له {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ (١) } لترضعيه {وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} نرسله إلى عدوكم فرعون وملائه. قال تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} أي فعلت ما أمرها الله تعالى به بأن جعلته في تابوت وألقته في اليم أي النيل {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} حيث وجدوه لقطة فأخذوه وأعطوه لآسية بنت مزاحم عليها السلام امرأة فرعون. وقوله تعالى: {لِيَكُونَ لَهُمْ (٢) عَدُوّاً وَحَزَناً} هذا باعتبار ما يؤول إليه الأمر فهم ما التقطوه لذلك لكن شاء الله ذلك فكان لهم {عَدُوّاً وَحَزَناً} (٣) فعاداهم وأحزنهم.

وقوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} أي آثمين بالكفر والظلم ولذا يكون موسى لهم عدواً وحزناً. وقوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ} قالت هذا حين همَّ فرعون بقتله لما نتف موسى لحيته وهو رضيع تعلق به فأخذ شعرات من لحيته فتشاءم فرعون وأمر بقتله فاعتذرت آسية له فقالت هو {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ} فقال فرعون قرة عين لك أما أنا فلا وقولها {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} في حياتنا بالخدمة ونحوها {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} وذلك بالتبني وهذا الذي حصل، فكان موسى إلى الثلاثين من عمره يعرف بابن فرعون وقوله {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي بما سيكون من أمره وأن هلاك فرعون وجنوده سيكون على يده.

وقوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً} أي من أي شيء إلا من موسى وذلك بعد أن ألقته في اليم.

وقوله {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أي لتصرخ بأنه ولدها وتظهر ذلك من شدة الحزن لكن الله تعالى ربط على قلبها فصبرت لتكون بذلك من المؤمنين بوعد الله تعالى لها بأن يرده إليها ويجعله من المرسلين.

وقوله تعالى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ (٤) } أي تتبعي أثره وذلك عندما ألقته في اليم وقوله


١- حكى الأصمعي أنه سمع جارية أعرابية تنشد وتقول:
أستغفر الله لذنبي كله
قبّلتُ إنساناً بغير حِلّه
مثل الغزال ناعما في دلّهِ
فانتصف الليل ولم أصله
فقلت لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أو يعدّ هذا فصاحة مع قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى} إلى {إنا رادوه إليك} أي: جمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.
٢- هذه اللام تسمى لام العاقبة والصيرورة على حد قول الشاعر:
وللمنايا تُربي كل مرضعة
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
٣- الحزن: محرّك الوسط كالحزن بإسكانها وضم الحاء مثل الرَشَد والرُشْد والعَدَم والعُدْم والسَقَم والسُقْم لغات.
٤- اسمها مريم بنت عمران فاتحدت معها مريم أم عيسى في اسمها واسم أبيها عليهم السلام وقيل اسمها كندم في رواية مرفوعة ضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>