للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأقوات من إقليم إلى إقليم وهي نعم كثيرة. سخر ذلك لكم ليريكم (١) من آياته الدالة على ربوبيته وألوهيته وهي كثيرة تتجلى في كل جزء من هذا الكون. وقوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ} أي علامات ودلائل على قدرة الله ورحمته وحكمته وهي موجبات عبادته وتوحيده فيها، وقوله {لِكُلِّ صَبَّارٍ (٢) شَكُورٍ} أي فيها عبر لكل عبد صبور على الطاعات صبور عن المعاصي صبور عما تجري به الأقدار شكور لنعم الله تعالى جليلها وصغيرها أما غير الصبور الشكور فإنه لا يجد فيها عبرة ولا عظة.

وقوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ (٣) } أي إذا غشي المشركين موج وهم على ظهر السفينة فخافوا {دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي دعوا الله وحده ولم يذكروا آلهتهم. فلما نجاهم بفضله {إِلَى الْبَرِّ} فلم يغرقوا {فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ (٤) } أي في إيمانه وكفره لا يُغالي في كفره ولا يعلن عن إيمانه. وقوله {وَمَا يَجْحَدُ (٥) بِآياتِنَا} القرآنية والكونية وهي مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته الموجبة لألوهيته {إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ (٦) } أي غدار بالعهود {كَفُورٍ} للنعم لا خير فيه البتّة والعياذ بالله تعالى من أهل الغدر والكفر.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- تقرير التوحيد وإبطال الشرك بذكر الأدلة المستفادة من مظاهر قدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته.

٢- فضيلة الصبر والشكر والجمع بينهما خير من افتراقهما.

٣- بيان أن المشركين أيام نزول القرآن كانوا يوحدون في الشدة ويشركون في الرخاء.


١ - من آياته من للتبعيض من بعض آياته ما يشاهدون به مظاهر قدرة الله ولطفه ورحمته. قال الحسن مفتاح البحار السفن ومفتاح الأرض الطرق ومفتاح السماء الدعاء.
٢ - صبار صيغة مبالغة كثير الصبر وشكور كذلك كثير الشكر قال بعضهم صبار لقضائه، شكور على نعمائه وما في التفسير أعم وأشمل. روي أن الإيمان نصفان نصفه صبر ونصفه شكر.
٣ - الظلل جمع ظلة وهو ما أظل من سحاب وجبال وغيرها.
٤ - فسر هذا اللفظ بعدة تفسيرات منها موف بما عاهد الله عليه في البحر قال الحسن مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة، وقال مجاهد مقتصد في القول مضمر للكفر وقيل في الكلام حذف والمعنى فمنهم مقتصد ومنهم كافر ودل على المحذوف قوله: (وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور) . وما في التفسير أشمل وأسلم.
٥ - قال القرطبي جحد الآيات إنكار أعيانها والجحد بالآيات إنكار دلائلها.
٦ - الختر الغدر وجحود الفضل وفعله ختر كضرب يختر قال عمرو بن معد يكرب:
فإنك لو رأيت أبا عمير
ملأت يديك من غدر وختر
وقال الأعشى:
بالأبلق الفردي من تيماء منزلة
حصن حصين وجار غير ختار

<<  <  ج: ص:  >  >>