للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليعذب الله المنافقين: أي وتحملها الإنسان قضاء وقدراً ليرتب الله تعالى على ذلك عذاب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات فيغفر لهم ويرحمهم وكان الله غفوراً رحيماً.

معنى الآيات:

قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى ينادي الله تعالى مؤمني هذه الأمة ناهياً لهم عن أذى نبيهم بأدنى أذى، وأن لا يكونوا كبني إسرائيل الذين آذوا موسى في غير موطن ومن ذلك ما ذكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه في قوله من رواية مسلم (١) "أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده فقالوا: ما منعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب يوماً يغتسل فوضع ثوبه (٢) على حجر وأخذ يغتسل وإذا بالحجر يهرب بالثوب فيجري موسى وراءه حتى وقف به على جمع من بني إسرائيل فرأوا أنه ليس به أدرة ولا برص كما قالوا فهذا معنى فبرأه الله مما قالوا، وكان عند الله وجيها أي ذا جاه عظيم.

ومما حصل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أذى أذاه في اتهام زوجه بالفاحشة من قبل أصحاب الإفك وقول بعضهم له وقد قسم مالا هذه قسمة ما أريد به وجه الله.

وقول بعضهم أعدل فينا يا رسول الله فقال له ويحك إذا لم أعدل أنا فمن يعدل؟

وكان يقول يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر!! هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٦٩) أما الآية الثانية (٧٠) فقد نادى تعالى عباده المؤمنين الذين نهاهم عن أذية نبيهم وأن لا يكونوا في ذلك كقوم موسى بن عمران ناداهم ليأمرهم بأمرين الأول بتقواه عز وجل إذ قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي صدقوا الله ورسوله. {اتَّقُوا اللهَ} أي خافوا عقابه. فأدوا فرائضه واجتنبوا محارمه. والثاني بالتزام القول الحق الصائب (٣) السديد، ورتب على الأمرين صلاح أعمالهم ومغفرة ذنوبهم إذ قول الحق والتزام الصدق مما يجعل الأقوال والأعمال مثمرة نافعة، فتثمر زكاة النفس وطهارة الروح. ثم أخبرهم مبشراً إياهم بقوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} في الأمر والنهي فقد فاز فوزاً عظيماً وهي سعادة الدارين: النجاة من كل مخوف والظفر بكل محبوب مرغوب ومن


١ - رواه البخاري بمعناه أيضاً.
٢ - قال أهل العلم في وضع موسى ثوبه على الحجر ودخوله الماء عرياناً دليل على جواز مثل هذا الصنيع وهو كذلك، وهذا الجواز لا يتنافى الاستحباب إذ التستر مستحب بلا خلاف.
٣ - القول السديد هو لا إله إلا الله وهو القصد الحق وهو الذي يوافق ظاهره باطنه، وهو ما أريد به وجه الله دون سواه فالقول السديد الصائب يشمل كل هذا الذي ذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>