للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكل ذلك الله ربكم الذي لا رب لكم سواه ولا معبود بحق لكم غيره. فتبارك الله رب العالمين أي خالق الإنس والجن ومالكهما والمدبر لأمرهما، هو الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون لا إله أي لا معبود للعالمين إلا هو فادعوه مخلصين له الدين أي اعبدوه وحده ولا تشركوا بعبادته أحداً قائلين الحمد لله رب العالمين (١) أي حامدين له بذلك، هذا ما تضمنته الآيتان (٦٤، ٦٥) وقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} أي قل يا نبينا لقومك إن نهاني ربي أن أعبد الذين تدعون من دون الله من أصنام وأوثان لا تنفع ولا تضر وذلك لما (٢) جاءني البينات من ربي وهي الحجج والبراهين على بطلان عبادة غير الله ووجوب عبادته سبحانه وتعالى، وأمرت أن أسلم لرب العالمين أي وأمرني ربي أن أسلم له فأنقاد وأخضع لأمره ونهيه وأطرح بين يديه وأفوض أمري إليه وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} نظراً إلى أصلهم وهو آدم، ثم من نطفة مني ثم من علقة دم متجمد، ثم يخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا، ثم لتبلغوا أشدكم أي اكتمال أبدانكم وعقولكم بتخطيكم الثلاثين من أعماركم، ثم لتكونوا شيوخاً بتجاوزكم (٣) الستين. ومنكم من يتوفى أي يتوفاه الله قبل بلوغه سن الشيخوخة والهرم وما أكثرهم، وفعل بكم ذلك لتعيشوا ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون إذا تفكرتم في خلق الله لكم على هذه الأطوار فتعرفون أن ربكم واحد وأنه إلهكم الحق الذي لا إله لكم سواه.

وقوله هو الذي يحيي ويميت يحيي النطف الميتة فإذا هي بعد أطوارها بشراً أحياء ويميت الأحياء عند نهاية آجالهم وهو حي لا يموت والإنس والجن يموتون ومن أعظم مظاهر قدرته أنه يقول للشيء إذا أراده كن فيكون ولا يتخلف أبداً هذا هو الله رب العالمين وإله الأولين والآخرين وجبتْ محبته وطاعته ولزمت معرفته إذ بها يُحَبُّ ويعبد ويطاع.


١- إنشاء الثناء على الله تعالى بعد ذكر موجبات ذلك من نعمة الإيجاد والإمداد والهداية إلى الدين الحق بعبادة الله وحده كما هي السنة في تعقيب الحمد والثناء على الله تعالى بعد كل نعمة ينعم بها على عباده.
٢- لما هذه يقال فيها التوقيتية أي حصل نهي عن عبادة غير ربي في الوقت الذي جاءتني البينات وفي الآية تعريض بالمشركين إذ لم ينتهوا عن عبادة غير الله وقد جاءتهم البينات من ربهم.
٣- سن الشيخوخة هو ما بين الخمسين إلى الثمانين.

<<  <  ج: ص:  >  >>