للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (١) } أي بعد أن عرفت يا رسولنا عدم تساوي الحسنة مع السيئة إذاً فادفع السيئة بالخصلة التي هي أحسن من غيرها فإذا الذي (٢) بينك وبينه عداوة قد انقلب في بره بك واحترامه لك واحتفائه بك كأنه ابن عم لك يحبك ويحترمك ولما كانت هذه الخصلة وهي الدفع بالتي هي أحسن لا تتأتى إلا لذوي الأخلاق الفاضلة والنفوس الكاملة الشريفة قال تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا} أي وما يعطى هذه الخصلة {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} فكان الصبر خلقاً من أخلاقهم {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} في الأخلاق والكمال النفسي، في الدنيا، والآخرة والأجر العظيم وهو الجنة في الآخرة.

وقوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ (٣) بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} يرشد الرب تعالى عبده ورسوله وكل فرد من أفراد أمته إن نزغه من الشيطان نزغ بأن وسوس له بفعل شر أو ترك خير، أو خطر له خاطر سوء أن يفزع إلى الله تعالى يستجير به فإن الله تعالى هو السميع العليم فالاستجارة به من الشيطان تحمي العبد وتقيه من وسواس الشيطان وما يلقيه في النفس من خواطر سيئة، ولله الحمد والمنة على هذا الإرشاد الرباني الذي لا يستغني عنه أحد من عباده.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- بيان فضل الدعوة إلى الله تعالى وشرف الدعاة العاملين.

٢- فضل الإسلام والاعتزاز به والتفاخر الصادق به.

٣- تقرير أن الحسنة لا تتساوى مع السيئة. كما أن الحسنات تتفاوت والسيئات تتفاوت.

٤- وجوب دفع السيئة من الأخ المسلم بالحسنة من القول والفعل.

٥- فضل العبد الذي يكمل في نفسه وخلقه فيصبح يدفع السيئة بالحسنة.


١- قال ابن عباس ادفع بحملك جهل من يجعل عليك. وقيل أيضا هو الرجل يسب الرجل فيقول المسبوب إن كنت صادقاً فغفر الله لي وإن كنت كاذباً فغفر لك وقال مجاهد أن يسلم المرء على من يعاديه إذا لقيه فهو معنى (بالتي هي أحسن) .
٢- قال ابن عباس في هذه الآية ادفع بالتي هي أحسن إلى قوله ولي حميم أمره الله تعالى بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة وهو كما قال رضي الله عنه.
٣- فائدة الاستعاذة بالنسبة إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تجديد داعيه العصمة المركوزة في نفس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن الاستعاذة بالله من الشيطان استمداد للنعمة وصقل النفس مما يغان على القلب كما قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة".

<<  <  ج: ص:  >  >>