للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عذاب يوم القيامة وهو عذاب القحط سبع سنين وعذاب القتل في بدر.

ولكن أكثرهم لا يعلمون: أي أن العذاب نازل بهم في الدنيا قبل يوم القيامة.

واصبر لحكم ربك: أي بإمهالهم ولا يضق صدرك بكفرهم وعنادهم وعدم تعجيل العذاب لهم.

فإنك بأعيننا: أي بمرأى منا نراك ونحفظك من كيدهم لك ومكرهم بك.

وسبح بحمد ربك حين تقوم: أي واستعن على الصبر بالتسبيح الذي هو الصلوات الخمس والذكر بعدها والضراعة والدعاء صباح مساء.

معنى الآيات:

يذكر تعالى من عناد المشركين أنهم لو رأوا العذاب نازلاً من السماء في صورة قطعة كبيرة من السماء ككوكب مثلا لما أذعنوا ولا آمنوا بل قالوا في ذلك العذاب سحاب مركوم الآن يسقى ديارنا فنرتوي وترتوي أراضينا وبهائمنا. إذاً فلما كان الأمر هكذا فذرهم١ يا رسولنا في عنادهم وكفرهم حتى يلاقوا وجهاً لوجه يومهم الذي فيه يصعقون أي يموتون يوم لا يغني عنهم كيدهم٢ شيئا ولا هم ينصرون، فيذهب كيدهم ولا يجدون له أي أثر بحيث لا يغنى عنهم أدنى إغناء من العذاب النازل بهم ولا يجدون من ينصرهم، وذلك يوم القيامة. وقوله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أي أنفسهم أي بالكفر والتكذيب والشرك والمعاصي عذباً دون ٣ ذلك المذكور من عذاب يوم القيامة وهو ما أصابهم به من سني القحط والمجاعة وما أنزله بهم من هزيمة في بدر حيث قتل صناديدهم وذلوا وأهينوا ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك، ولو علموا لما أصروا على العناد والكفر. وقوله تعالى: واصبر لحكم ربك وقضائه بتأخير العذاب عن هؤلاء المشركين، ولا تخف ولا تحزن فإنك بأعيننا أي بمرأى منا نراك ونحفظك، وجمع لفظ العين على أعين مراعاة للنون العظمة وهو المضاف إليه (بأعيننا) وقوله {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي قل سبحان الله وبحمده حين تقوم٤ من نومك ومن مجلسك


١ يقال في مثل هذا: هو منسوخ بآية السيف.
٢ هو ما كانوا يكيدون للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يمكرون به.
٣ جائز أن يكون عذاب القبر.
٤ شاهده ما رواه الترمذي بإسناد حسن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذاك".

<<  <  ج: ص:  >  >>