للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنهم كانوا في الدنيا منعمين لا يصلون ولا يصومون ولا يجاهدون ولا يرابطون، {وَكَانُوا يُصِرُّونَ١ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} أي على الإثم العظيم أي الشرك وكبائر الإثم والفواحش.

{وَكَانُوا يَقُولُونَ} منكرين للبعث والجزاء جاحدين باليوم الآخر- {أَإِذَا مِتْنَا٢ وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} أي أحياء كما كنا في الدنيا {أَوَآبَاؤُنَا} أيضا مبعوثون كذلك والاستفهام في الموضعين للاستبعاد والإنكار. وهنا أمر تعالى رسوله محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرد عليهم بقوله {قُلْ} أي قل لهم: {إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ} أي أنتم وآباؤكم من عهد آدم والآخرين منكم ومن ذريتكم إلى نهاية حياة الإنسان {لَمَجْمُوعُونَ٣ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} أي لوقت يوم معلوم عند الله محدد باليوم والساعة والدقيقة {ثُمَّ٤ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ} عن سبيل الهدى المعرضون عن الحق المكذبون بالبعث لداخلون جهنم ماكثون فيها أبداً وإنكم {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} وهو شر ثمر وأخبث ما يؤكل مرارة {فَمَالِئُونَ مِنْهَا} بطونكم لما يصيبكم من الجوع الشديد، {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ، فَشَارِبُونَ شُرْبَ٥ الْهِيمِ} أي الماء الحار الشديد الحرارة مكثرين منه كما تكثر الإبل الهيم٦ التي أصابها العطش واشتد بها داء الهيام الذي أصابها. قوله تعالى {هَذَا نُزُلُهُمْ٧ يَوْمَ الدِّينِ} أي هذا الذي ذكرنا من طعام الضالين المكذبين وشرابهم هو نزلهم الذي ننزلهم يوم الدين وأصل النزل ما يعد للضيف النازل من قرى: طعام وشراب وفراش.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- أصحاب الشمال يدخل فيهم كل كافر وجد على وجه الأرض فإنهم في التقسيم ثلث الناس وفي الواقع هم أضعاف أضعاف السابقين وأصحاب اليمين لأن أكثر الناس لا يؤمنون.

٢- التنديد بالترف والتنعم في هذه الحياة الدنيا فإنه يقود إلى ترك التكاليف الشرعية فيهلك


١ صيغة المضارع (يصرون) دالة على تجدد الإصرار منهم.
٢ قرأ الجمهور ومنهم حفص بإثبات الاستفهام الأول والثاني، وقرأ نافع بالاستفهام في (أإذا متنا) والإخبار في (إنا لمبعوثون) .
(مجموعون) : أي: مبعوثون دفعة واحدة جميعاً دفعاً لما قد يتوهم أنهم يبعثون على فترات كما كان وجودهم وموتهم في الدنيا على فترات مختلفة.
٤ هذا من جملة أمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقوله لهم.
٥ الهيم: جمع أهيم وهو البعير الذي أصابه الهيام بضم الهاء وهو داء يصيب الإبل يورثها حمى في الأمعاء فلا تزال تشرب ولا تروى والمؤنث هيمى إذ المذكر أهيم.
٦ قرأ نافع وحفص: (شرب) بضم الشين، وقرأ بعض شرب بفتح الشين مصدر شرب يشرب شرباً.
٧ النزل: بضم النون والزاي: ما يعد للضيف ويقدم له من طعام وشراب وهو هنا تشبيه تهكمي كالاستعارة كما في قول الشاعر:
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا
جعلنا القنا والمرهفات له نزلا

<<  <  ج: ص:  >  >>