للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولئك كتب في قلوبهم الإيمان: أي أثبت الإيمان في قلوبهم.

وأيدهم بروح منه: أي برهان ونور وهدىً.

رضي الله عنهم ورضوا عنه: أي رضي الله عنهم بطاعتهم إياه في الدنيا ورضوا عنه في الآخرة بإدخاله إياهم في الجنة.

ألا أن حزب الله هم المفلحون: أي ألا إن جند الله وأولياءه هم الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة.

معنى الآيات:

يخبر تعالى موجها المؤمنين مرشداً لهم إلى أقوم طريق وأكمل الأحوال فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} أي يخالفونهما في أمرهما ونهيهما وما يدعوان إليه من الدين الحق {أُولَئِكَ} أي المخالفون في زمرة الأذلين١ في الدنيا والآخرة. وقوله تعالى {كَتَبَ٢ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} أي كتب في اللوح المحفوظ وقضى بأن يغلب رسوله أعداءه بالحجة والسيف٣. {إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي ذو قوة لا تقهر وعزة لا ترام فلذا قضى بنصرة رسوله على أعدائه مهما كانت قوتهم.

وقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ٤ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يقول تعالى لرسوله لا تجد أناساً يؤمنون بالله إيماناً صادقاً بالله رباً وإلهاً وباليوم الآخر يوادون بالمحبة والنصرة من حاد الله ورسوله بمخالفتهما في أمرهما ونهيهما وما يدعوان إليه من توحيد الله وطاعته وطاعة رسوله ولو كانوا أقرب قريب إليهم من أب أو أبن أو أخ أو عشيرة. وقوله تعالى {أُولَئِكَ كَتَبَ} أي الله تعالى في قلوبهم الإيمان أي أثبته وقرره فيها فهو لا يبرح ينير لهم طريق الهدى حتى ينتهوا إلى جوار ربهم.


(الأذلين) جمع الأذل وهو: الأكثر ذلاً من كل ذليل والذل المهانة والصغار والإحتقار.
٢ روي أن مقاتلا قال: قال المؤمنون لئن فتح الله لنا مكة والطائف وخيبر وما حولهن رجونا أن يظهرنا الله على فارس والروم فقال عبد الله بن أبي بن سلول أتظنون أن الروم وفارس مثل القرى التي غلبتم عليها، والله لأنهم أكثر عدداً وأشد بطشاً من أن تظنوا فيهم ذلك فأنزل الله تعالى: {كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ} أي: قضى الله ذلك.
٣ من بعث منهم بالحجة فإنه غالب بالحجة ومن بعثه بالسيف فهو غالب بالسيف بإذنه تعالى.
٤ ذكر لنزول هذه الآية عدة أسباب وهي وإن لم تنزل في كلها فإنها منطبقة عليها فقيل: إنها نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول فقد جاء لوالده بفضلة ماء من شراب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعل الله يطهر قلبه من النفاق فسأله ما هذا فأخبره فقال عليه لعائن الله: فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها فغضب وجاء يستأذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قتله فلم يأذن له، وقيل نزلت في أبي بكر الصديق لما ضرب والده بشدة لما سب له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل: نزلت في الذين بارزوا أقربائهم يوم بدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>