للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونيسرك لليسرى: أي للشريعة السهلة وهي الإسلام.

فذكر إن نفعت الذكرى: أي من تذكر أو لم تنفع ومعنى ذكر أي عظ بالقرآن.

ويتجنبها: أي الذكرى أي يتركها جانبا فلا يلتفت إليها.

الأشقى: أي الكافر الذي كتبت شقاوته أزلا.

يصلى النار الكبرى: أي نار الدار الآخرة.

لا يموت فيها ولا يحيى: أي لا يموت فيستريح, ولا يحيا فيهنأ.

معنى الآيات:

قوله تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ١ هذا أمر من الله تعالى لرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته تابعة له بأن ينزه اسم٢ ربه عن أن يسمى به غيره, أو أن يذكر في مكان قذر, أو أن يذكر بعدم إجلال وإحترام, والأعلى صفة للرب تبارك وتعالى دالة على علوه على خلقه فالخلق كله تحته وهو قاهر له وحاكم فيه. الذي خلق فسوى أي أوجد من العدم المخلوقات وسوى خلقها كل مخلوق بحسب ذاته فعدل أجزاءه وسوى بينها وفلا تفاوت فيها {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} أي قدر الأشياء في كتاب المقادير من خير غيره وهدى كل مخلوق إلى ما قدره له أو عليه فهو طالب له حتى يدركه في زمانه ومكانه وعلى الصورة التي قدر عليها {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} أي ما ترعاه البهائم من الحشيش والعشب والكلأ. {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى٣} أي فجعله بعد الخضرة والنضرة هشيما متفرقا يابسا بين سواد وبياض وهي الحوة هذه خمس آيات الآية الأولى تضمنت الأمر بتنزيه اسم الله والأربع بعدها في التعريف به سبحانه وتعالى حتى يعظم اسمه وتعظم ذاته وتنزه عن الشريك والصاحبة والولد وقوله تعالى {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} هذه عدة من الله تعالى لرسوله. لعل سببها أنه كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جاءه جبريل بالآيات يخاف نسيانها فيستعجل قراءتها قبل فراغ جبريل عليه السلام من إملائها عليه فيحصل له بذلك شدة فطمأنه ربه أنه لا ينسى ما يقرئه جبريل {إِلاَّ مَا شَاءَ٤ اللهُ} أن ينسيه إياه لحكمة اقتضت ذلك فأنه ينساه فقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينسى وذلك لما أراد الله أن ينسخه من كلامه.


١ روي في السنن لما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اجعلوها في سجودكم". فكانوا يقولون في سجودهم سبحان ربي الأعلى ثلاثاً فأكثر.
٢ إن تنزيه الاسم مستلزم لتنزيه المسمى, فلذا لا حاجة إلى القول بأن اسم صلة قصد بها تعظيم المسمى. استشهاداً بقول لبيد:
إلى الحول تم اسم السلام عليكما
فتنويه اسم الله وتقديسه مطلوب
بل من أسمى المطالب, وتنزيه الله تعالى يكون بنفي الشريك عنه والولد ونفي كل نقص عنه قولا واعتقاداً وما يقرر أن تنزيه الاسم مستلزم لتنزيه المسمى قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجعلوها في سجودكم. لأنها دالة على تعظيم الرب تعالى وتعظيمه.
٣ الأحوى: الموصوف بالحوة وهي لون من الألوان سمرة تقرب من السواد, وأحوى صفة لغثاء الذي هو اليابس من النبات.
٤ الاستثناء مفرغ أي إلا الذي شاء الله أن تنساه فإنك تنساه؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>