للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنقذكم منها: بهدايتكم إلى الإسلام وبذلك أنجاكم من النار. معنى الآيات:

بعد أن وبخ تعالى اليهود على خداعهم ومكرهم وتضليلهم للمؤمنين وتوعدهم على ذلك، نادى المؤمنين محذراً إياهم من الوقوع في شباك المضللين من اليهود فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} ، وذلك أن نفراً من الأوس والخزرج كانوا جالسين في مجلس يسودهم الود والتصافي ببركة الإسلام الذي هداهم الله تعالى إليه فمر بهم شاس بن قيس اليهودي فآلمه ذلك التصافي والتحابب وأحزنه بعد أن كان اليهود يعيشون في منجاة من الخوف من جيرانهم الأوس والخزرج لما كان بينهم من الدمار والخراب، فأمر شاس شاباً أن يذكرهم بيوم بعاث فذكروه وتناشدوا الشعر فثارت الحمية القبلية بينهم فتسابوا وتشاتموا حتى هموا بالقتال فأتاهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكرهم بالله تعالى وبمقامه فهدأوا، وذهب الشر ونزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} فحذرهم من مكر أهل المكر من اليهود والنصارى، وأنكر عليهم ما حدث منهم حاملاً لهم على التعجب من حالهم أو كفروا بعد إيمانهم فقال عز وجل: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ} صباح مساء في الصلوات وغيرها، {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ١} هادياً ومبشراً ونذيراً وأرشدهم إلى الاعتصام بدين الله وبشر المعتصمين بالهداية إلى طريق السعادة والكمال فقال: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ} أي: بكتابه وسنة نبيه {فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ثم كرر تعالى نداءه٢ لهم بعنوان الإيمان تأكيداً لهم به وأمرهم بأن يبذلوا وسعهم في تقوى الله عز وجل وذلك بطاعته كامل الطاعة بامتثال أمره واجتناب نهيه حاضاً لهم على الثبات على دين الله حتى يموتوا عليه فلا يبدلوا ولا يغيروا فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ٣ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} وأمرهم بالتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة، ونهاهم عن التفرق والاختلاف وأرشدهم إلى ذكر نعمته تعالى عليهم بالألفة


١ عصمة هذه الأمة من الذنوب والسقوط في هذين الأمرين الكتاب والسنة، فمهما تمسكت أمة الإسلام بهما فإنها لا تضل ولا تسقط ولو كادها أهل الأرض أجمعون، ومهما أعرضت عنهما سقطت وهانت ولو دعمها أهل الأرض أجمعون.
٢ من مظاهر إكرا م الله تعالى للمؤمنين أن ناداهم مباشرة بيا أيها الذين آمنوا بخلاف أهل الكتاب فإنه أمر رسوله أن يناديهم إشعاراً لهم بعدم رضاه عنهم وغضبه عليهم.
٣ روى أن تقوى الله حق تقاته تتمثل في أن يطاع تعالى ولا يعصى ويشكر ولا يكفر، ويذكر ولا ينسى، وخصصتها آية التغابن: {فاتقوا الله ما استطعتم} ، إذ لا تكليف مع العجز عن القيام به.

<<  <  ج: ص:  >  >>