للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بفعل محرم، وإن حدث منهم ذنب تابوا منه فوراً.

{فِي السَّرَّاءِ١ وَالضَّرَّاءِ} : السراء: الحال المسرة وهي اليسر والغنى، والضراء: الحال المضرة وهي الفقر.

{وَالْكَاظِمِينَ٢ الْغَيْظَ} : كظم الغيظ: حبسه، والغيظ: ألم نفسي يحدث إذا أوذي المرء في بدنه أو عرضه أو ماله، وحبس الغيظ: عدم إظهاره على الجوارح بسبب أو ضرب ونحوهما للتشفي والانتقام.

{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} : العفو عدم المؤاخذة للمسيء مع القدرة على ذلك.

{يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} : المحسنون هم الذين يبرون ولا يسيئون في قول أو عمل.

{فَاحِشَةً} : الفاحشة: الفعلة القبيحة الشديدة القبح؛ كالزنى وكبائر الذنوب.

{أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} : بترك واجب أو فعل محرم فدنسوها بذلك فكان هذا ظلماً لها.

{وَلَمْ يُصِرُّوا٣} : أي: يسارعون إلى التوبة، لأن الإصرار هو الشد على الشيء والربط عليه مأخوذ من الصر، والصرة معروفة.

{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} : أي: أنهم مخالفون للشرع بتركهم ما أوجب، أو بفعلهم ما حرم.

{وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} : الذي هو الجنة.

معنى الآيات:

لما نادى الله تعالى المؤمنين ناهياً لهم عن أكل الربا آمراً لهم بتقواه عز وجل، وباتقاء النار وذلك بترك الربا وترك سائر المعاصي الموجبة لعذاب الله تعالى، ودعاهم إلى طاعته وطاعة رسوله كي يرحموا في دنياهم وأخراهم. أمرهم في الآية الأولى (١٣٣) بالمسارعة إلى شيئين


١ قيل في السراء والضراء: الرخاء والشدة، وقيل، في السراء: العرس والولائم، والضراء: النوائب والمآتم. وما فسرنا به الآية أعم وأحسن.
٢ يقول كضمت السقاء، أي: ملأته وسدت عليه، والكضامة: ما يسد به السقاء.
٣ ذكر القرطبي هنا مسألة، وهي: من وطن نفسه على فعل ذنب فإنه يؤاخذ به، ولو لم يفعله لعجز قام به وهو مصر على فعله، واستشهد بقوله تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} يعني: أصحاب الجنة الذين عزموا على قطع ثمارها، دون إعطاء المساكين منها، كما استشهد بحديث: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". وكلامه في الجملة صحيح ولكن من ترك ما أصر عليه خوفاً من الله تعالى سيكتب له حسنة لحديث: "من هم بسيئة فلم يعملها كتب له عند الله حسنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>