للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منكراً على المنهزمين والمرتدين من المنافقين ردتهم، وأعلمهم أن ارتداد من ارتد أو يرتد لن يضر الله تعالى شيئاً، فالله غني عن إيمانهم ونصرهم، وأنه تعالى سيجزي الثابتين على إيمانهم وطاعة ربهم ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيجزيهم دنيا وآخرة بأعظم الأجور وأحسن المثوبات.

هذا ما تضمنته الآية الثالثة أما الرابعة (١٤٥) فقد تضمنت حقيقتين علميتين:

الأولى: أن موت الإنسان متوقف حصوله على إذن الله خالقه ومالكه فلا يموت أحد بدون علم الله تعالى بذلك فلم يكن لملك الموت أن يقبض روح إنسان قبل إذن الله تعالى له بذلك، وشي آخر وهو أن موت كل إنسان قد ضبط تاريخ وفاته باللحظة فضلاً عن اليوم والساعة، وذلك في كتاب١ خاص، فليس من الممكن أن يتقدم أجل إنسان أو يتأخر بحال من الأحوال، هذه حقيقة يجب أن تعلم، من قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً} .

والثانية: أن من دخل المعركة يقاتل باسم الله فإن كان يريد بقتاله ثواب الدنيا فالله عز وجل يؤتيه من الدنيا ما قدره له، وليس له من ثواب الآخرة شيء، وإن كان يريد ثواب الآخرة لا غير، فالله عز وجل يعطيه في الدنيا ما كتب له ويعطيه ثواب الآخرة وهو الجنة وما فيها من نعيم مقيم وأن الله تعالى سيجزي الشاكرين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذه الحقيقة التي تضمنها قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} .

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- الابتلاء بالتكاليف الشرعية الصعبة منها والسهلة من ضروريات الإيمان.

٢- تقرير رسالة النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبشريته المفضلة، وموتته المؤلمة٢ لكل مؤمن٣.


١ هو كتاب المقادير: اللوح المحفوظ.
٢ رثت صفية عمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي الله بآيات دلت على مدى ما أصاب المؤمنين من حزن وألم بفراق نبيهم نذكر منها ثلاث أبيات، وهي:
أفاطم صلى الله رب محمد ... على حدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وآبائي ونفسي وماليا
فلو أن رب الناس أبقى نبياً ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
٣ إن قيل لم تأخر دفن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومين، وهو القائل: "عجلوا دفن جيفتكم ولا تؤخرهوها". والجواب كان ذلك لأمور: أولاً: اختلافهم في المكان الذي يدفنوه فيه، حتى أخبرهم الصديق بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما دفن نبي إلا حيث يموت". ثانياً: اختلافهم في تعيين الخليفة للأهمية

<<  <  ج: ص:  >  >>