للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ} : بل أطيعوا الله ربكم ووليكم ومولاكم فإنه خير من يطاع وأحق من يطاع.

{الرُّعْبَ} : شدة الخوف من توقع الهزيمة والمكروه.

{وَمَأْوَاهُمُ} : مقر إيوائهم ونزولهم.

{مَثْوَى} : المثوى مكان الثوى، وهو الإقامة والاستقرار.

{الظَّالِمِينَ} : المشركين الذين أطاعوا غير الله تعالى وعبدوا سواه. معنى الآيات:

ما زال السياق في أحداث١ غزوة أحد، فقد روى أن بعض المنافقين لما رأى هزيمة المؤمنين في أحد، قال في المؤمنين ارجعوا إلى دينكم وإخوانكم، ولو كان محمد نبياً لما قتل إلى آخر ما من شأنه أن يقال في تلك الساعة الصعبة من الاقتراحات التي قد كشف عنها هذا النداء الإلهي للمؤمنين، وهو يحذرهم من طاعة الكافرين بقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ٢ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} فلا شك أن الكافرين قد طالبوا المؤمنين بطاعته بتنفيذ بعض الاقتراحات التي ظاهرها النصح وباطنها الغش والخديعة، فنهاهم الله تعالى عن طاعتهم في ذلك وهذا النهي وإن نزل في حالة خاصة، فإنه عام في المسلمين على مدى الحياة، فلا يحل طاعة الكافرين من أهل الكتاب وغيرهم وفي كل ما يأمرون به أو يقترحونه، ومن أطاعهم ردوه عن دينه إلى دينهم فينقلب: يرجع خاسراً في دنياه وآخرته، والعياذ بالله. هذا ما تضمنته الأولى (١٤٩) وأما الآية الثانية (١٥٠) فقد تضمنت الأمر بطاعته تعالى، إذ هو أولى بذلك لأنه ربهم ووليهم ومولاهم، فهو أحق بطاعتهم من الكافرين، فقال تعالى: {بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ٣} فأطيعوه، ولا تطيعوا أعداءه وإن أردتم أن تطلبوا النصر بطاعة الكافرين فإن الله تعالى خير الناصرين فاطلبوا النصر منه بطاعته فإنه ينصركم، وفي الآية الثالثة (١٥١) لما امتثل المؤمنون أمر ربهم فلم يطيعوا


١ لفظ الكافرين شامل لكل ما أولت الآية به من المشركين والمنافقين واليهود، وهذا أمر لا ينكر فإن طاعة الكافرين لا تقضي بمن أطاعهم إلا إلى الخيبة والخسران في الدارين.
٢ وجه المناسبة هو أنه لما أمر تعالى المؤمنين بالإقتداء بالصالحين من أتباع الأنبياء، وذلك بالصبر والاحتساب حذرهم في هذه الآيات من اتباع الكافرين وقبول ما يطلبون ويقترحونه عليه فإنه مفضي بهم إلى الكفر أولاً ثم إلى الإثم والخسران ثانياً.
٣ قرئ بنصب اسم الجلالة، ويكون معمولاً لفعل مقدر وتقديره: بل أطيعوا الله مولاكم فهو أحق بطاعته من الكافرين والمنافقين، وفي هذا رد على من قال ساعة الهزيمة: لو كلمنا ابن أبي يأخذ لنا أمناً من أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>