للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَكَفِّرْ عَنَّا} : استر وامح.

{الأَبْرَارِ} : جمع بر أو بار، وهم المتمسكون بالشريعة.

{عَلَى رُسُلِكَ} : على ألسنة رسلك من النصر والتأييد.

{الْمِيعَادَ} : الوعد.

{هَاجَرُوا} : تركوا بلادهم وديارهم وأموالهم وأهليهم فراراً بدينهم.

{وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} : آذاهم المشركون من أجل الإيمان بي ورسولي وطاعتنا.

{ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللهِ} : أي: أجراً جزاء كائناً من عند الله، وهو الجنات بعد تكفير السيئات.

معنى الآيات:

لما قال اليهود تلك المقالة السيئة: إن الله تعالى فقير ونحن أغنياء، وحرفوا الكتاب وبدلوا وغيروا ويحبون أن يحمدوا على باطلهم كانت مواقفهم هذه دالة على عمى في بصائرهم، وضلال في عقولهم، فذكر تعالى من الآيات الكونية ما يدل على غناء، وافتقار عباده إليه، كما يدل على ربوبيته على خلقه، وتدبيره لحياتهم وتصرفه في أمورهم، وأنه ربهم لا رب لهم غيره وإلههم الذي لا إله لهم سواه إلا أن هذا لا يدركه إلا أرباب العقول الحصيفة والبصائر النيرة، فقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ١ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} نعم إن في إيجاد السموات والأرض من العدم وفي اختلاف الليل والنهار بالطول والقصر والظلام والضياء، والتعاقب بذهاب هذا ومجيء ذاك دلائل واضحات على غنى الله وافتقار عباده وبراهين ساطعة على ربوبيته لخلقه. وألوهيته لهم. هذا ما تضمنته الآية الأولى (١٩٠) ، وأما الآيات الأربع بعدها فقد تضمنت وصفاً لأولي الألباب الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض فيهتدون إلى معرفة الرب تعالى فيذكرونه ويشكرونه. فقال تعالى عنهم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً٢ وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} وهذا شامل لحالهم في الصلاة٣


١ صح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قام من الليل قرأ هذه الآيات العشر، فلذا استحب لمن قام من ليله ليتجهد أن يقرأها ويتفكر فيها، وورد عن عثمان: من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة".
٢ شاهد هذا قول عائشة في الصحيح: "كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر الله على كل أحيانه". ومن الأدب أن يستثنى من هذا لعموم حالة التبول وقضاء الحاجة في الكنف.
٣ لحديث عمران بن حصين رضي الله عنهما إذ قال: "كان بي البواسير فسألت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: صلي قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه الأئمة، وفي مسلم: "أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى النافلة قاعداً وذلك قبل موته بعام".

<<  <  ج: ص:  >  >>