٢ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن". فأنزل الله تعالى هذه الآية رداً عليهم وإبطالاً لقولهم وتصرفهم الجاهلي، إذا المفروض أن الصغير والمرأة أولى بالإرث لحاجتهما وخوفهما. ٣ لفظ الأقربون مجمل، ومن هنا أرسل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى سويد وعرفجة: "ألا يفرقا من مال أوس شيئاً فإن الله جعل لبناته نصيباً ولم يبين كم هو حتى أنظر ما ينزل ربنا". فنزلت: {يوصِيكم الله} الآية، فأرسل إليهما أن أعطي أم محة الثمن مما ترك أوس، ولبناته الثلثين ولكما بقية المال. ٤ قوله تعالى: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} اختلف أهل العلم في الشيء يتركه الموروث، وهو لا يقبل كالدار الصغيرة، والجوهرة الواحدة، وما إلى ذلك، فذهب بعض إلى إنه لابد من القسمة، وذهب آخرون، وهو الحق إن شاء الله تعالى: أن مالاً يقبل القسمة لفساده يباع ويقسم ثمنه على الورثة ولا شفعة فيه لأنه لا تأتي فيه الحدود، والشفعة فيما يقسم وتوقع فيه الحدود، وهذا ليس كذلك لتعذر قسمته، ويشهد لهذا الرأي حديث الدارقطني، ونصه: "لا تعضيه" أي: لا تفرقه على أهل الميراث إلا ما حمل القسم، فقرر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن مالاً يقبل القسم لا يحوز تعضيته أي: تفريقه على الورثة لأنه يفسد بالقسمة فتعين أن يباع ويقسم ثمنه. ٥ الجمهور على أن هذه الآية منسوخة بأية: {يُوصِيكمْ الله فيِ أَوْلادُكم} الآية، وقال ابن عباس: "إنها محكمة" وعلى إنها غير منسوخة شرحناها في التفسير، فليتأمل.