للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى الآيات:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ١ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً٢} ينادي الله تعالى عباده المؤمنين، وهم في فترة يستعدون فيها لفتح مكة وإدخاله في حظيرة الإسلام، خذوا الأهبة والاستعداد حتى لا تلاقوا عدوكم وأنتم ضعفاء، قوته أشد من قوتكم {فانفروا ثباتٍ} عصابة بعد عصابة وجماعة بعد أخرى {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} بقيادتكم المحمدية وذلك بحسب ما يتطلبه الموقف وتراه٣ القيادة ثم أخبرهم وهو العليم أن منهم، أي: من عدادهم وأفراد مواطنيهم لمن والله ليبطئن عن الخروج إلى الجهاد نفسه وغيره معاً؛ لأنه لا يريد لكم نصراً لأنه منافق كافر الباطن وإن كان مسلم الظاهر ويكشف عن حال هذا النوع من الرجال الرخيص فيقول: {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ} أيها المؤمنون الصادقون {مُصِيبَةٌ} قتل أو جراح أو هزيمة قال في فرح بما أصابكم وما نجا منه: لقد أنعم الله عليَّ إذ لم أكن معهم حاضراً فيصيبني ما أصابهم، {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ} أي: نصر وغنيمة {لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} أي: معرفة ولا صلة يا ليتني متمنياً حاسداً –كنت معهم في الغزاة {فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} بالنجاة من معرة التخلف والظفر بالغنائم والعودة سالماً.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- وجوب أخذ الأهبة والاستعداد التام على أمة الإسلام في السلم والحرب سواء.

٢- وجوب وجود خبرة عسكرية كاملة وقيادة رشيدة مؤمنة حكيمة عليمة.

٣- وجود منهزمين روحياً مبطئين حسدة بين المسلمين وهم ضعاف الإيمان فلا يؤبه لهم ولا يلتفت إليهم.


١ أخذ الحذر هو توقي المكروه بالأسباب الممكنة المشروعة، وجملة: {فَانفروا ثُبات} إلخ. تفريع بذكر بعض أسباب توفي المحذور.
٢ أخذ الحذر واجب لأنه سبب شرعه الله تعالى لتوقي المكروه، ولكنه لا يمنع المقدور، وأخطأت القدرية إذا قالوا: الحذر يرد القدر، ولولا أنه كذلك ما أمروا به، وهو خطأ اعتقادي، فالأسباب تؤتى طاعة لله تعالى، وأما دفع المقدور، أي: ما قدره الله على الإنسان فلابد من وقوعه، وفائدة الأخذ بالأسباب: إبعاد الخوف عن النفس وحصول شعور بالفوز والنجاة.
٣ هل هذه الآية وهي متقدمة في النزول على آية التوبة: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} منسوخة بها؟. والجواب: أن فرض الجهاد على الكفاية، ولذا فلا نسخ، وإنما هذه في حال وتلك في أخرى، وهي: أن يرى الإمام النفير العام لا غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>