للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونصله نار جهنم: أي: ندخله النار ونحرقه فيها.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في بني أبيرق ففي الآية الأولى (١١٤) يخبر تعالى أنه لا خير في كثير من أولئك المتناجين ولا في نجواهم لنفاقهم وسوء طواياهم اللهم إلا في نجوى أمر أصحابها بصدقة تعطى لمحتاج إليها من المسلمين، أو معروف١ استحبه الشارع أو أوجبه من البر والإحسان أو إصلاح بين الناس للإبقاء على الألفة والمودة بين المسلمين. ثم أخبر تعالى أن من يفعل ذلك المذكور من الصدقة والمعروف والإصلاح٢ بين الناس طلباً لمرضاة الله تعالى فسوف يثيبه بأحسن الثواب ألا وهو الجنة دار السلام إذ لا أجر أعظم من أجر يكون الجنة.

هذا ما دلت عليه الآية الأولى، أما الثانية (١١٥) فإن الله تعالى يتوعد أمثال طعمة بن أبيرق، فيقول جل ذكره: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} أي: يخالفه ويعاديه {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} أي: من بعد ما عرف أنه رسول الله حقاً جاء بالهدى ودين الحق، ثم هو مع معاداته للرسول يخرج من جماعة المسلمين ويتبع غير سبيلهم٣ هذا الشقي الخاسر {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} أي: نتركه لكفره وضلاله خذلاناً له في الدنيا ثم نصله نار جهنم يحترف فيها، وبئس المصير جهنم يصير إليها المرء ويخلد فيها.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

١- حرمة تناجي اثنين دون الثالث لثبوت ذلك في السنة.

٢- الاجتماعات السرية لا خير فيها إلا اجماعاً كان لجمع صدقة، أو لأمر بمعروف أو إصلاح بين متنازعين من المسلمين مختلفين.

٣- حرمة الخروج عن أهل السنة والجماعة، واتباع الفرق الضالة التي لا تمثل الإسلام إلا في دوائر ضيقة كالروافض ونحوهم.


١ قيل لحكيم ما أعظم المصائب؟ قال: أن تقدر على المعروف فلا تصنعه، حتى يفوت، وقال في هذا المعنى الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها ... فما تدري السكون متى يكون
٢ ورد في إصلاح ذات البين الكثير من الأحاديث، منها: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إصلاح ذات البين" رواه الترمذي وصححه وقال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً".
٣ هذه الآية هي دليل حرمة الخروج على جماعة المسلمين، روي أن الشافعي طلب دليلاً على صحة الإجماع، فقرئ القرآن مرات حتى عثر على هذه الآية، وقرر أنها دليل الإجماع، وهو كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>