للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبلغون دعوة ربهم، وأرسل رسلاً لم يقصصهم عليه، وفوق ذلك أنه كلم موسى تكليماً، فأسمعه كلاماً بلا واسطة، فكيف ينكر اليهود ذلك ويزعمون أنه ما أنزل الله على بشر من شيء، وقد أرسلهم تعالى رسلاً مبشرين من آمن وعمل صالحاً بالجنة، ومنذرين من كفر وأشرك وعمل سوء بالنار وما فعل ذلك إلا لقطع حجة الناس يوم القيامة حتى لا يقولوا ربنا ما أرسلت إلينا رسولاً هذا معنى قوله تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} أي: بعد إرسالهم، {وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً} غالباً لا يمانع في شيء أراده {حَكِيماً} في أفعاله وتدبيره، هذا بعض ما تضمنته الآيات الثلاث (١٦٣-١٦٤-١٦٥) ، أما الآية الرابعة (١٦٦) وهي قوله تعالى: {لَكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً} .

فقد روي أن يهوداً جمعهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبلغهم أنه رسول الله صدقاً وحقاً ودعاهم إلى الإيمان وبما جاء به من الدين الحق فقالوا: من يشهد لك بالرسالة إذ كانت الأنبياء توجد في وقت واحد فيشهد بعضهم لبعض، وأنت من يشهد لك فأنزل الله تعالى قوله: {لَكِنِ١ اللهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} يريد إنزال الكتاب إليك شهادة منه لك بالنبوة والرسالة، أنزله بعلمه بأنك أهل للاصطفاء والإرسال، وبكل ما تحتاج إليه البشرية في إكمالها وإسعادها، إذ حوى أعظم تشريع تعجز البشرية لو اجتمعت أن تأتي بمثله، أليس هذا كافياً في الشهادة لك بالنبوة والرسالة، بلى، والملائكة أيضاً يشهدون {وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً} فلا تطلب شهادة بعد شهادته تعالى لو كانوا يعقلون.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- تقرير مبدأ الوحي الإلهي.

٢- أول الرسل٢ نوح عليه السلام وآخرهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


١ توضيح هذا الاستدراك الذي هو رفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه هو إذا رفض اليهود الشهادة لك بالرسالة وطالبوا من يشهد لك. فالله يشهد لك بما أنزله إليك، والملائكة يشهدون كذلك.
٢ ذكر صاحب تفسير التحرير والتنوير: الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى، عند تفسير هذه الآية تاريخ المذكورين من الرسل نقلاً عن أهل الكتاب قطعًا فللإطلاع لا غير. نذكر ذلك كما ذكره، وأما علم صحته فهو إلى الله تعالى لا غير: نوح عليه السلام ولد سنة ٣٩٧٤ قبل الهجرة النبوية. وإبراهيم توفى ببلدة الخليل سنة ٢٧١٩ قبل الهجرة. وإسماعيل توفى بمكة سنة ٢٦٧٦ قبل الهجرة تقريبا. وإسحاق بن إبراهيم توفى سنة ٢٦١٣ قبل الهجرة. ويعقوب إسرائيل توفى سنة ٢٥٨٦ قبل الهجرة. وعيسى بن مريم ولد سنة ٦٢٢ قبل الهجرة، ورفع إلى السماء قبلها سنة ٥٨٩. وأيوب كان بعد إبراهيم وقبل موسى في القرن الخامس عشر قبل المسيح. وهارون توفى سنة ١٩٧٢ قبل الهجرة. وداود توفى سنة ١٦٢٦ قبل الهجرة. وسليمان توفى سنة ١٥٩٧ قبل الهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>