للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كفروا وصدوا عن سبيل١ الله وهم اليهود٢ قد ضلوا ضلالاً بعيداً قد يتعذر معه الرجوع إلى الحق، وهذا ما تضمنته الآية الأولى (١٦٧) كما أخبر في الآية الثانية (١٦٨) أن الذين كفروا وظلموا هم أيضاً اليهود لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً، اللهم إلا طريق جهنم، وهذا قائم على سنته في خلقه وهي أن المرء إذا كفر كفر عناد وجحود وأضاف إلى الكفر الظلم لم يبق له أي استعداد لقبول الهداية الإلهية، لم يبق له من طريق يرجى له سلوكه إلا طريق جهنم يخلد فيها خلوداً أبدياً، وقوله تعالى: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً} في ختام الآية يقرر فيه أن دخول أصحاب هذه الصفات من اليهود جهنم وخلودهم فيها ليس بالأمر الصعب على الله المتعذر عليه فعله بل هو من السهل اليسير، أما الآية الأخيرة (١٧٠) فهي تتضمن إعلاناً إليهاً موجهاً إلى الناس كافة مشركين وأهل كتاب: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ٣} الكامل الخاتم جاءكم بالدين الحق من ربكم فآمنوا بخ خيراً لكم، وإن أبيتم وأعرضتم إيثاراً للشر على الخير والضلال على الهدى فاعلموا أن لله ما في السموات٤ والأرض خلقاً وملكاً وتصرفاً وسيجزيكم بما اخترتم من الكفر والضلال جهنم وساءت مصيراً فإنه عليم بمن استجاب لندائه فآمن وأطاع، وبمن أعرض فكفر وعصى حكيم في وضع الجزاء في موضعه اللائق به. فلا يجزي المحسن بالسوء، ولا المسيء بالإحسان.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- شر الكفر ما كان مع الصد عن سبيل اله والظلم، وهذا كفر اليهود، العياذ بالله.

٢- سنة الله تعالى في أن العبد إذا أبعد في الضلال، وتوغل في الشر والفساد يتعذر عليه التوبة فيموت على ذلك ويهلك.


١ صدوا عن سبيل الله بقولهم: إنا لا نجد صفة محمد في كتابنا وإنما النبوة في ولد هارون وداود، وأن في التوراة أن شرع موسى لا ينسخ.
٢ اللفظ يتناول اليهود أولاً ويعم كل من كفر بالله ورسوله وصد عن سبيله الذي هو الإسلام.
٣ التعريف في الرسول للعهد، إذ هو معهود بين المخاطبين معروف لهم، وكونه للعهد لا ينافي ما ذكر في التفسير من أنه الكامل في رسالته؛ كأنه فرد فيها لا نظير له.
٤ إنه لم يدعكم إلى الإيمان لحاجة به إنه عزيز إنه سبحانه وتعالى يملك الكائنات كلها حيها وميتها ظاهرها وباطنها ويتصرف يها كما يشاء وهو الغني الحميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>