للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} : محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

{تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} : الكتاب: التوراة والإنجيل، وما يخفونه صفات النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعض الأحكام، المخالفين لها يجحدونها خوف المعرة؛ كالرجم مثلاً.

{وَيَعْفُو١ عَنْ كَثِيرٍ} : لا يذكرها لكم لعدم الفائدة من ذكرها.

{نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} : النور: محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والكتاب: القرآن الكريم.

{إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} : الإسلام: وهو الدين الحق الذي لا نجاة إلا به. والمستقيم: الذي لا اعوجاج فيه.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في أهل الكتاب فبعد أن بين تعالى باطلهم وما هم عليه من شر وسوء دعاهم، وهو ربهم وأرحم بهم من أنفسهم إلى سبيل نجاتهم وكمالهم دعاهم إلى الإيمان رسوله وكتابه ذلك الرسول الذي ما اتبعه أحد وندم وخزي، والكتاب الذي ما ائتم به أحد وضل أو شقين فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} أي: محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يُبَيِّنُ لَكُمْ} بوحينا {كَثِيراً} من مسائل الشرع والدين التي تخفونها خشية الفضيحة لأنها حق جحدتموه، وذلك كنعوت النبي الأمي وصفاته حتى لا يؤمن به الناس، وكحكم الرجم في التوراة وما إلى ذلك. {وَيَعْفُو} يترك كثيراً لم يذكر لعدم الداعي إلى ذكره يا أهل الكتاب {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ} ربكم {نُورٌ} هو رسولنا محمد٢ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} وهو القرآن، أذ بين كل شيء من أمور الدين والدنيا وكل ما تتوقف سعادة الإنسان وكماله عليه دنيا وأخرى {يَهْدِي بِهِ اللهُ} تعالى {مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ} ، وذلك بالرغبة الصادقة في الحصول على رضا الله عز وجل بواسطة فعل محابه وترك مساخطه عن كل معتقد وقول وعمل يهديه به {سُبُلَ السَّلامِ} أي: طريق السعادة والكمال، {وَيُخْرِجُهُمْ} أي: المتبعين رضوان الله {مِنَ الظُّلُمَاتِ} وهي ظلمات الكفر والشرك والشك، إلى نور الإيمان الصحيح والعبادة الصحيحة المزكية للنفس المهذبة للشعور بتوفيقه وعونه تعالى ويهديهم، أي: أولئك الراغبين حقاً في رضا الله {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ


١ {يَعفو} معناه: يعرض ولا يظهر، يقال: عفا الرسم، إذا لم يظهر، فعفا عن كذا، أعرض عنه ولم يظهره
٢ واللفظ صالح لأن يكون المراد بالنور: الإسلام، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نور الإسلام، نور إذ كل منهما يهدي إلى دار السلام في الآخرة وإلى الطهر والصفاء والكمال في دار الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>