للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهم من القتل الذي أصروا عليه، وترغيباً لهم في العفو الذي جافوه وبعدوا عنه فلم يعرفوه، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ١ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ} يخبر تعالى عن حالهم مسلياً رسوله محمداً عما يحمله من همّ منهم، وهم الذين تآمروا على قتله أن الشر الذي لازم اليهود والفساد الذي أصبح وصفاً لازماً لهم وخاصة المؤامرات بالقتل وإيقاد نار الحروب لم يكن عن جهل وعدم معرفة منهم لا أبداً، بل جاءتهم رسلهم بالآيات البينات والشرائع القويمة والآداب الرفيعة، ولكنهم قوم بهت متمردون على الشرائع مسرفون في الشر والفساد، ولذا فإن كثيراً منهم والله لمسرفون في الشر والفساد، وبنهاية هذه الآية ومن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} وهي الآية (١١) انتهى الحديث عن اليهود المتعلق بحادثة همهم بقتل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، وقد ذكر تسلية لرسول الله وأصحابه، كما هو تسلية لكل مؤمن يتعرض لمكر اليهود عليهم لعائن الله.

هداية الآية

من هداية الآية:

١- تأديب الرب تعالى لبني إسرائيل، ومع الأسف لم ينتفعوا به.

٢- فساد بني إسرائيل لم ينشأ عن الجهل وقلة العلم، بل كان اتباعاً للأهواء وجرياً وراء عارض الدنيا. فلذا غضب٢ الله عليهم ولعنهم؛ لأنهم عالمون.

٣- بالرغم من تضعيف جزاء الجريمة على اليهود، ومضاعفة أجر الحسنة لهم فإنهم أكثر الناس إسرافاً في الشر والفساد في الأرض.

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ


١ هذه الجملة: تذييل لما سبق من حكم الله تعالى فيهم، حيث شرع لهم وأعلمهم بأن من يقتل نفسًا ظلمًا وعدوانًا يعتبر شرعًا كأنما قتل الناس جميعًا، ذكر فيه أنه لا عذر لهم فيما عوقبوا به، إذ لم يكونوا جاهلين لمجيئتهم رسلهم بالآيات البينات تحمل الشرائع والهدايات، ومع هذا فإن كثير منهم مسرفون في المعاصي والجرائم العظام؛ كالقتل في الأرض.
٢ شاهده من القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ} من الممتحنة، و {غير المغضوب عليهم} من الفاتحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>