للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الثالثة (٧٠) فإن الله تعالى يأمر رسوله أن يترك الذين اتخذوا دينهم الحق الذي جاءهم به رسول الحق لعباً ولهواً يلعبون به أو يسخرون منه ويستهزئون به وغرتهم الحياة الدنيا قال تعالى: {وذر الذين اتخذوا دينهم١ لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا} اتركهم فلا يهمك أمرهم وفي هذا تهديد لهم على ما هم عليه من الكفر والسخرية والاستهزاء، وقد أخبر تعالى في سورة الحجر أنه كفاه أمرهم إذ قال {إنا كفيناك المستهزئين} ، وقوله تعالى {وذكر به} أي بالقرآن {أن تبسل نفس} أي كي لا تبسل٢ {بما كسبت} أي كي لا تسلم نفس للعذاب بما كسبت من الشرك والمعاصي، {ليس لها} يوم تسلم للعذاب {من دون الله ولي} يتولى خلاصها، {ولا شفيع} يشفع لها فينجيها من عذاب النار {وإن تعدل كل٣ عدل لا يؤخذ منها} أي وإن تقدم ما أمكنها حتى ولو كان ملء الأرض ذهباً فداء لها لما نفعها ذلك ولما نجت من النار، ثم قال تعالى: {أولئك الذين أبلسوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم} أبلسوا: أسْلِمُوا وأخذوا إلى جهنم بما كسبوا من الذنوب والآثام لهم في جهنم شراب من ماء حميم حار وعذاب موجع اليم. وذلك بسبب كفرهم بالله وآياته ورسوله حيث نتج عن ذلك خبث أرواحهم فما أصبح يلائم وصفهم إلا عذاب النار قال تعالى من هذه السورة سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- حرمة الجلوس في مجالس يسخر فيها من الإسلام وشرائعه وأحكامه وأهله.

٢- وجوب القيام احتجاجاً من أي مجلس يعصى فيه الله ورسوله.

٣- مشروعية الإعراض في حال الضعف عن المستهزئين بالإسلام الذين غرتهم الحياة الدنيا من أهل القوة والسلطان وحسب المؤمن أن يعرض عنهم فلا يفرح بهم ولا يضحك لهم.


١ اختلف في الدين الذي اتخذه المشركون لهوا ولعباً، والظاهر أنّه الإسلام الذي جاءهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به إذ لا دين لله سواه وبعث الله تعالى إليهم رسوله به فهو دينهم ومع الأسف رفضوه واتخذوه لهوا ولعبا يسخرون ويستهزئوا به.
٢ قال القرطبي تبسل أي ترتهن وتسلم للهلكة عن مجاهد وقتادة والحسن وعكرمة والإبسال تسليم المرء للهلاك. قال الشاعر:
وابسالي بنيِّ بغير جرم ... بعوناه ولا بدم مراق
ومعنى بعوناه جنيناه. والشاهد في قوله وإبسالي بني حيث أسلم بنيه للهلاك.
٣ العدل الفداء أو الفدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>