للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن ليكون هذا عظة وعبرة للناس. هذا ما دلت عليه الآية الأولى أما الثانية (٨٩) فقد أشاد الله تعالى بأولئك الرسل السابقي الذكر مخبراً أنهم هم الذين آتاهم الكتاب وهي صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داوود وإنجيل عيسى والحكم١ وهو الفهم والإصابة والسداد في الأمور كلها. ثم قال تعالى فإن يكفر بهذه الآيات القرآنية وما تحمله من شرائع وأحكام وهداية الإسلام {إن يكفر بها هؤلاء} من أهل مكة {فقد وكلنا بها قوماً} من قبل وهم الرسل المذكورون في هذا السياق وقوماً هم موجودون وهم المهاجرون والأنصار من أهل المدينة، ومن يأتي بعد من سائر البلاد والأقطار وقوله تعالى: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم٢ اقتده} ، يأمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقتدي بأولئك الأنبياء المرسلين٣ في كمالاتهم كلها حتى يجمع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل كمال فيهم فيصبح بذلك أكملهم على الإطلاق. وكذلك كان، وقوله تعالى في ختام الآية الكريمة: {قل لا أسألكم عليه٤ أجراً} يأمره تعالى أن يقول لأولئك العادلين بربهم الأصنام والأوثان المكذبين بنبوته وكتابه: ما أسألكم على القرآن الذي أمرت أن أقرأه عليكم لهدايتكم أجراً أي مالاً مقابل تبليغه إياكم {إن هو إلا ذكرى للعالمين} أي ما القرآن إلا موعظة للعالمين يتعظون بها إن هم القوا أسماعهم وتجردوا من أهوائهم وأرادوا الهداية ورغبوا فيها.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- الشرك محبط للعمل كالردة والعياذ بالله تعالى.

٢- فضل الكتاب الكريم والسنة النبوية.

٣- وجوب الاقتداء بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل العلم والصلاح من هذه الأمة.

٤- حرمة أخذ الأجرة على تبليغ الدعوة الإسلامية.


١ قال القرطبي: والحكم العلم والفقه وهو كذلك إلا أن ما في التفسير أوسع وأولى بالاعتماد عليه.
٢ قال القرطبي: الإقتداء طلب موافقة الغير في فعله. وقال: قد احتج بعض العلماء بهذه الآية علي وجوب إتباع شرائع الأنبياء فيما عدم فيه النص واستدلوا بحديث مسلم في حادثة الرُبيع إذ أمر الرسول بكسر سنها محتجاً بآية {والسن بالسن} وهو من أحكام بني إسرائيل ولم يوجد في القرآن غيره.
٣ روى البخاري عن العوام قال سألت مجاهداً عن سجدة {ص} فقال سألت ابن عباس عن سجدة {ص} فقال أو تقرأ {ومن ذريته داوود وسليمان} إلى قوله {أولئك هدى الله فبهداهم اقتده} وكان داوود عليه السلام ممن أمر نبيكم عليه السلام بالإقتداء بهم.
٤ أي جعلا على القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>