للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يحكمون} أي بئس الحكم حكمهم هذا وقبح صنيعاً، صنيعهم هذا، وما جعلوه لله ينفقون على الضيفان والفقراء، وما جعلوه للشركاء ينفقونه على السدنة والمقيمين على الأصنام والأوثان.

هذا ما دلت عليه الآية الأولى أما الثانية (١٣٧) وهي قوله تعالى {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} يريد وكذلك التحكم الباطل والإدعاء الكاذب في جعل لله شيئاً مما ذرأ من الحرث والأنعام، ثم عدم العدل بين الله تعالى وبين شركائهم زين لكثير من المشركين شركاؤهم وهم شياطينهم من الجن والإنس قتل أولادهم كالمؤودة من البنات خوف العار، وكقتل الأولاد الصغار خوف الفقر، أو لنذرها للآلهة١، وفعل الشياطين ذلك من أجل أن يردوهم أي يهلكوهم، ويلبسوا عليهم دينهم٢ الحق أن يخلطوه لهم بالشرك، وهو معنى قوله تعالى {ليردوهم٣ وليلبسوا عليهم دينهم} وقوله تعالى: {ولو شاء الله ما فعلوه} هو كما قال إذ لو أراد تعالى منعهم من ذلك لمنعهم٤ وهو على كل شيء قدير، إذاً فذرهم أيها الرسول وما يفترون من الكذب في هذا التشريع الجاهلي الباطل القبيح.

هذا ما دلت عليه الآية الثانية أما الثالثة (١٣٨) وهي قوله تعالى: {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر٥ لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم، وأنعام حرمت ظهورها، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه} .

فقد تضمنت هذه الآية ثلاثة ضروب من تشريع الجاهلية وأباطيلهم:

الأول: تحريمهم بعض الأنعام والحرث وجعلها لله وللآلهة التي يعبدونها مع الله.

الثاني: أنعام أي إبل حرموا ركوبها كالسائبة والحام.

الثالث: إبلٌ لا يذكرون اسم الله عليها فلا يحجون عليها ولا يذكرون اسم الله عليها إن ركبوها بحال ولا إن حملوا عليها.


١ كما نذر عبد المطلب ولده عبد الله للآلهة، ثم فداه بمائة من الإبل.
٢ فإن قيل: وهل كان لهم دين حق؟ الجواب: نعم كان لهم دين حق وهو ما جاءهم به إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وبطول الزمان وفتنة الشيطان فسد عليهم.
٣ اللام هنا لام العاقبة والصيرورة.
٤ في هذا رد على القدرية وفيه تسلية للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتخفيف عليه.
٥ في لفظ حجر الفتح والضم والكسر ومعناه المنع وسمي العقل حجراً لأنه يمنع من قول وفعل القبيح وحجر القاضي على المفلس منعه من التصرف في المال وهو مشتق من الحرج بالكسر وهي لغة في الحرج الذي هو الضيق والإثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>