للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موسى عليه السلام، {وتفصيلاً لكل شيء} مما تحتاج إليه أمة بني إسرائيل في عقائدها، وعباداتها وأحكامها العامة والخاصة {وهدي} يتبينون به الحق والصواب، {ورحمة} لهم في دنياهم لما يحمله من الدعوة إلى العدل والخير رجاء أن يوقنوا بلقاء ربهم.

هذا ما دلت عليه الآية الأولى وهي قوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب تماماً على الذي أحسن وتفصيلاً لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم١} أي بني إسرائيل {يؤمنون} فيعملون الصالحات ويتخلون عن المفاسد والشرور لما تجلبه لهم من غضب الله تعالى وعذابه.

أما الآية الثانية (١٥٥) فقد أشاد الله تعالى بالقرآن الكريم ممتناً بإنزاله وما أودع فيه من البركة التي ينالها كل من يؤمن به ويعمل به ويتلوه تعبداً وتقرباً وتعلماً.

هذا معنى قوله تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} وقوله {فاتبعوه٢....} أمر للعباد بإتباع ما جاء في القرآن الكريم من عقائد وعبادات وشرائع وأحكام فإن من اتبعه قاده إلى السعادة والكمال في الحياتين، وقوله {واتقوا٣ لعلكم ترحمون} أي اتقوا ترك العمل به ليعدكم ذلك الذي هو متابعة القرآن والتقوى للرحمة فترحمون في الدنيا والآخرة.

وأما الآية الثالثة وهي قوله تعالى: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين} فمعناها: إن الله تعالى أنزل الكتاب على رسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره بتلاوته وإبلاغه الناس لئلا يقول الكافرون من العرب إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا اليهود والنصارى والمراد بالكتاب التوراة والإنجيل، {وإن كنا عن دراستهم لغافلين} إذ لم نعرف لغتهم، ولم نعرف ما يقرأونه في كتابهم، فتقوم الحجة لكم علينا فقطعاً لهذه الحجة أنزلنا الكتاب.

وقوله تعالى في الآية الرابعة: {أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة} كما قطع تعالى عذرهم بإنزال كتابه الكريم لو قالوا يوم القيامة إنما أنزل الكتاب على اليهود والنصارى ونحن لم ينزل إلينا شيء فلذا ما عرفنا ربنا ولا عرفنا محابه ومكارهه فنطيعه بفعل محابه وترك مكارهه، قطع كذلك عذرهم لو قالوا


١ أي رجاء أن يؤمنوا بلقاء ربهم.
٢ أي اعملوا بما فيه متتبعين ما فيه من أوامر ونوه تفعلون الأمر وتتركون النهي.
٣ أي اتقوا تحريفه وتبديله كما فعلت اليهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>