للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعبدها إذ كان لفرعون أصنام يدعو الناس لعبادتها لتقربهم إليه وهو الرب الأعلى للكل.

وبعد هذا التحريش والإغراء من رجال فرعون ليبطش بموسى وقومه قال فرعون {سنقتل١ أبناءهم ونستحيي نساءهم} كما كان يفعل قبل عندما أخبر بأن سقوط ملكه سيكون على يد بني إسرائيل {وإنا فوقهم قاهرون} هذه الكلمة من فرعون في هذا الظرف بالذات لا تعد وأن تكون تعويضاً عما فقد من جبروت ورهبوت كان له قبل هزيمته في المباراة وإيمان السحرة برب العالمين رب موسى وهارون. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (١٢٧) وهي قوله تعالى {وقال الملأ من قوم فرعون: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، ويذرك وآلهتك. قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم، وإنا فوقهم قاهرون} وكان رد موسى عليه السلام على هذا التهديد والوعيد الذي أرعب بني إسرائيل وأخافهم ما جاء في الآية الثانية (١٢٨) {وقال موسى لقومه} أي من بني إسرائيل {استعينوا بالله} على ما قد ينالكم من ظلم فرعون، وما قد يصيبكم من أذى انتقاماً لما فقد من علوه وكبريائه {واصبروا} على ذلك، واعلموا {ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} فمتى صبرتم على ما يصيبكم فلم تجزعوا فترتدوا، واتقيتم الله ربكم فلم تتركوا طاعته وطاعة رسوله أهلك عدوكم وأورثكم أرضه ودياره، وسبحان الله هذا الذي ذكره موسى لبني إسرائيل قد تم حرفياً بعد فترة صبر فيها بنو إسرائيل واتقوا كما سيأتي في هذا السياق بعد كذا آية، وهنا قال بنو إسرائيل ما تضمنته الآية الأخيرة (١٢٩) {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا} بما أتيتنا به من الدين والآيات، وذلك عندما كان فرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم للخدمة {ومن بعدما جئتنا} وهذه منهم كلمة الآيس المهزوم نفسياً لطول ما عانوا من الاضطهاد والعذاب من فرعون وقومه الأقباط. فأجابهم موسى عليه السلام قائلاً: محيياً الأمل في نفوسهم وإيصالهم بقوة الله التي لا تقهر {عسى٢ ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف٣ تعملون} وهذا الذي رجاه موسى ورجاه بني إسرائيل قد تم كاملاً بلا نقصان والحمد لله الكريم المنان.


١ آنس قومه بهذه الجملة من الكلام وأذهب عنهم روح الهزيمة، ولم يقل سنقتل موسى لعلمه أنه لا يقدر عليه ولما أصابه من الرّعب منه حتى قيل: إنه كان إذا رآه يبول من شدّة الخوف منه وهي آية موسى عليه السلام.
٢ عسى من الله واجب أي ليست للرجاء فقط بل ما يذكر جمعها يقع لا بدّ ولا يتخلّف، ولذا قد تحقق ما ذكر معها هنا كاملاً لا نقص فيه.
٣ كيف: ليست للاستفهام هنا وإنّما هي دالة على مجرّد كيفية أعمالهم هل هي أعمال صالحة أو فاسدة أي: هل يشكرون؟

<<  <  ج: ص:  >  >>