للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بوضوح أن أقوال الساحر وأعماله التي يؤثر بها على الناس منها ما هو كفر في حكم الله وشرعه قطعاً.

كما أخبر تعالى في هذه الآية أن ما يتعلمه الناس من الملكين إنما يتعلمونه ليفرقوا بين الرجل وامرأته، وأن ما يحدث به من ضرر هو حاصل بإذن الله تعالى حسب سنته في الأسباب والمسببات، ولو شاء الله أن يوجد مانعاً يمنع من حصول الأمر بالضرر لفعل وهو على كل شيء قدير. فبهذا متعلموا السحر بسائر أنواعه إنما هم يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم. وفي آخر الآية يقرر تعالى علم اليهود بكفر الساحر ومتعلم السحر ومتعاطيه حيث أخبر تعالى أنهم لا نصيب لهم في الآخرة من النعيم المقيم فيها. فلذا هم كفار قطعاً.

وأخيراً يقبح تعالى ما باع به اليهود أنفسهم، ويسجل عليهم الجهل بنفي العلم إذ قال تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .

وفي الآية الثانية (١٠٣) يفتح تعالى على اليهود باب التوبة فيعرض عليهم الإيمان والتقوى فيقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .

هداية الآيتين:

من هداية الآيتين:

١- الإعراض عن الكتاب والسنة لتحريمهما الشر والفساد والظلم يفتح أمام المعرضين أبواب الباطل من القوانين الوضعية، والبدع الدينية، والضلالات العقلية، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ [سبيل السعادة والكمال] وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} .

٢- كفر١ الساحر وحرمة تعلم السحر، وحرمة استعماله.


= ما يرتكبون من الذنوب والمعاصي ويعجبون من ذلك، فأمرهم تعالى أن يختاروا ملكين منهم ويركب فيهم غرائز بني آدم ويكلفهم وينزلهم إلى الأرض يعبدون الله كبنى آدم ثم ينظرون هل يعصون الله أو لا يعصونه، فلما نزل إلى الأرض ارتكب كبائر الذنوب، فخير بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختار عذاب الدنيا فجعلا في بابل يعلمان الناس السحر فإذا آتاهما من يريد ذلك نصحاً له بأن تعلم السحر كفر، فإذا أصر وجهاه إلى شيطان فأتاه فعلمه كيفية السحر وما يصل إليها إلا بعد أن يكفر أفظع أنواع الكفر.
١ اختلف هل للسحر حقيقة أو هو مجرد خداع لا أصل له. أهل السنة والجماعة: أن له حقيقة وهو أنواع عديدة، وحكمه أن من تعاطاه إذا أضر به فأفسد عقلاً أو عضواً أو قتل فإنه يقتل بذلك وإلا فإنه يعذر حتى يتوب منه، ويشهد لمذهب الجمهور أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سحره لبيد بن الأعصم، وأنزل الله تعالى سورة الفلق فرقاه بها جبريل فشفي، وقال: "إن الله شفاني". والحديث في البخاري وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>