للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونزلوا على شاطئه سالمين مرّوا بأناس يعكفون١ على تماثيل لهم وهي عبارة عن أبقار حجرية منحوتة نحتاً يعبدونها وهم عاكفون عليها وما إن رأى بنو إسرائيل هؤلاء العاكفين على الأصنام حتى قالوا لموسى يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهؤلاء آلهة، وهي كلمة دالة على جهلٍ بالله تعالى وآياته، فما كان من موسى عليه السلام حتى جابههم بقوله: {إنكم قوم تجهلون} وواصل تأنيبه لهم وإنكاره الشديد عليهم فقال {إن هؤلاء} أي العاكفين على الأصنام والذين غرتكم حالهم {متبر٢ ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون} أي إنهم وما هم عليه من حال في هلاك وخسار، ثم قال لهم منكراً متعجباً {أغير الله أبغيكم إلهاً} أي غير ربي عز وجل أطلب لكم إلهاً تعبدونه دون الله ما لكم أين يذهب بعقولكم، وهو سبحانه وتعالى فضلكم على العالمين وشرفكم على سائر سكان المعمورة٣ أهكذا يكون شكركم له بطلب إلى غيره، وهل هناك من يستحق العبادة غيره؟ وقوله تعالى في الآية الأخيرة (١٤١) {وإذ أنجيناكم٤ من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب} أي واذكروا يا من قلتم اجعل لنا إلهاً كما للمشركين آلهة اذكروا فضل الله عليكم بإنجائه إياكم من فرعون وآله وهم الذين كانوا على منهجه في الظلم والكفر من رجال حكمه وأفراد شرطه وجيوشه {يسومونكم سوء العذاب: يقتلون أبناءكم} حتى لا تكثروا، {ويستحيون نساءكم} للامتهان والخدمة، وفي هذا التعذيب والإنجاء منه {بلاء من ربكم عظيم} يتطلب شكركم لا كفركم، فكيف تريدون أن تعبدوا غيره، وتشركوا به أصناماً لا تنفع ولا تضر، إن أمركم لجد مستغرب وعجب فاتقوا الله وتوبوا إليه.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

١- طلب بني إسرائيل من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً يعبدونه دال على جهل


١ قرىء {يعكُفون} بكسر الكاف وضمها سبعيتان، والعكوف: الإقامة على الشيء وملازمته، ومنه العكوف في المساجد وهو الإقامة بها وملازمتها مدّه للعبادة.
٢ متبّر: مهلك، والتبار: الهلاك، وكل إناء منكسر فهو متبّر.
٣ هذا التفضيل خاص بزمانهم الذي كانوا فيه مع أنبيائهم وهم صالحون.
٤ بعد أن أنكر عليهم طلبهم إلهاً غير الله في قوله {أغير الله أبغيكم إلهاً} ذكرهم بنعمة الله عليهم وهي: إنجاؤهم من آل فرعون فهل يليق بمن ينعم الله عليه بنعمة عظيمة أن ينساه ويطلب إلهاً غيره يعبده بدله أو معه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>