خرجوا من ديارهم بطراً: أي للبطر الذي هو دفع الحق ومنعه.
وقال إني جار لكم: أي مجير لكم ومعين على عدوكم.
تراءت الفئتان: أي التقتا ورأت كل منهما عدوها.
نكص على عقبيه: أي رجع إلى الوراء هارباً، لأنه جاءهم في صورة سراقة بن مالك.
إني أرى ما لا ترون: من الملائكة.
والذين في قلوبهم مرض: أي ضعف في إيمانهم وخلل في اعتقادهم.
معنى الآيات:
هذا النداء الكريم موجه إلى المؤمنين وقد أذن لهم في قتال الكافرين، وبدأ بسرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه وثنى بهذه الغزوة غزوة بدر الكبرى فلذا هم في حاجة إلى تعليم رباني وهداية إلهية يعرفون بموجبها كيف يخوضون المعارك وينتصرون فيها وفي هذه الآيات الأربع تعليم عال جداً لخوض المعارك والانتصار فيها وهذا بيانها:
١- الثبات في وجه العدو والصمود في القتال حتى لكان المجاهدين جبل شامخ لا يتحرك {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة} أي جماعة مقاتلة {فاثبتوا} .
٢- ذكر الله تعالى تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً ودعاء١ وضراعة ووعداً ووعيداً. {واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون} أي تفوزون بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة بعد النجاة من الهزيمة والمذلة في الدنيا، والنار والعذاب في الآخرة.
٣- طاعة الله ورسوله في أمرهما ونهيهما ومنه طاعة قائد المعركة ومديرها وهذا من أكبر عوامل النصر حسب سنة الله تعالى في الكون {وأطيعوا الله ورسوله} .
٤- عدم التنازع والخلاف عند التدبير للمعركة وعند دخولها وأثناء خوضها.
٥- بيان نتائج التنازع والخلاف وإنها: الفشل الذريع، وذهاب القوة المعبر عنها بالريح
١ الذكر المطلوب هو: ما كان باللسان والقلب معاً، في الآية دليل على أنّ ذكر الله تعالى لا يترك في حال إلاّ في حال التغوّط، قال محمد القرطبي: لو رخّص لأحد في ترك الذكر لرخّص لزكريا إذ قال له تعالى: {ألاّ تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً واذكر ربك كثيراً} ولرخص لرجل في الحرب لقوله تعالى: {إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً} وحكم هذا الذكر أن يكون خفياً إلا أن يكون في بداية الحملة بصوت واحد: الله أكبر فإن ذلك محمود لأنه يرعب العدو ويفتّ في أعضاده.