للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} يريد قلبه وجوارحه١ فآمن ووحد وعمل صالحاً فأحسن فهذا الذي يدخل الجنة وهي أجره على إيمانه وصالح أعماله، فلا هو يخاف ولا يحزن.

هذا معنى الآيتين الأولى (١١١) والثانية (١١٢) والثالثة (١١٣) فقد سجلت كفر كل من اليهود والنصارى، بشهادتهم على بعضهم بعضاً فقد كفر اليهود والنصارى بقولهم: إنهم ليسوا على شيء من الدين الحق الذي يعتد به ويؤبه له، وكفّر النصارى اليهود بقولهم: ليست اليهود على شيء مع أنهم يقرأون التوراة والإنجيل، فلذا كان تكفيرهم لبعضهم لبعض حقاً وصدقاً. ثم أخبر تعالى أن ما وقع فيه اليهود والنصارى وهم أهل كتاب من الكفر والضلال قد وقع فيه أمم قبلهم دون علم منهم وذلك لجهلهم، وأخبر تعالى أنه سيحكم بينهم يوم القيامة ويجزيهم بكفرهم وضلالهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

١- إبطال تأثير النسب٢ في السعادة والشقاء، وتقرير أن السعادة بدخول الجنة مردها إلى تزكية النفس بالإيمان والعمل الصالح، وإن الشقاوة بدخول النار مردها إلى الشرك، وارتكاب الذنوب فلا نسبة إلى يهودية أو نصرانية أو غيرهما تُغني عن صاحبها، وإنما المغني بعد فضل الله ورحمته الإيمان والعمل الصالح بعد التخلي عن الشرك والمعاصي.

٢- كفر اليهود والنصارى وهو شر كفر؛ لأنه كان على علم.

٣- الإسلام الصحيح القائم على أسسه الثلاثة الإيمان والإسلام والإحسان هو سبيل٣ النجاة من النار والفوز بالجنة.


١ أي: ذاته، إذ طاعة الله تعالى تكون بها قلباً وجوارح، ومن إطلاق الوجه على الذات، قول الشنفري:
إذا قطع رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثم سائري
قوله وفي الرأس أكثري: فيه تفصيل الرأس الذي هو بمعنى الوجه على سائر الجسد لأفضليته، فكذلك إطلاق الوجه في الآية وإرادة الذات، لأن الوجه أشرف الذات.
٢ ويشهد لهذا قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صحيح مسلم: "ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" الحديث.
٣ هذا مستفاد من قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>