لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا». ثم قال لهما:«أخبراني أين قريش؟» قالا: وراء هذا الكثيب. قال:«كم القوم؟» قالا: لا عِلْمَ لنا. فقال:«كم ينحرون كل يوم؟» فقالا: يوماً عشراً ويوماً تسعاً، فقال صلى الله عليه وسلم:«القومُ ما بين التسعمائة إلى الألف».
وأما بَسْبَسُ وعديّ فإنهما وردَا ماء بدرٍ فسمعا جاريةً تقول لصاحبتها: ألا تقضيني ديني؟ فقالت الأخرى: إنما تقدُم العيرُ غداً أو بعد غدٍ فأعمل لهم وأقضيك، فصدَّقها مَجْدي بنُ عمرو. فانطلقا مقبلين لما سمعا، ويعقبهما أبو سفيان، فقال لمَجْدي بن عمرو: هل أحسستَ أحداً من أصحابِ محمد؟ فقال: لا إلا أن راكبين نزلا عند تلك الأكمة، فانطلق أبو سفيان إلى مكانهما وأخذ من بعر بعيرهما ففتَّه فوجد فيه النوى، فقال: والله هذه علائِفُ يثرب، فعدل بالعيرِ إلى طريق الساحل، فنجا، وبَعَثَ إلى قريشٍ يُعلمهم أنه قد نجا هو والعير ويأمرهم أن يرجعوا».
الكلام عليه من وجوه:
١ ــ دلت مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه عندما بلغه خروج قريش لقتاله على التزامه صلى الله عليه وسلم بمبدأ الشورى في كل ما لم يرد فيه نص ملزم من الكتاب أو السنة، وعدم تفرده بالرأي، وفي حوادث السيرة شواهد كثيرة على ذلك.
٢ ــ وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر رأي الأنصار في خوض هذه المعركة دون المهاجرين فلأنهم كانوا أولاً أغلب الحاضرين، ولأنهم كانوا قد بايعوا النبي سابقاً على حمايته داخل حدود المدينة فحسب، فلم يكن صلى الله عليه وسلم ليجبرهم على خوض معركة خارجها دون أن يكون لهم رأي في ذلك.
٣ ـ وخبر مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وانتظاره رأي الأنصار أخرجه مسلم