للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بيعة الرضوان]

قال المصنف: «وقد كان صلى الله عليه وسلم قبلَ وقوعِ هذا الصُّلْح بَعَثَ عثمان بنَ عفان رضي الله عنه إلى أهلِ مكة يُعْلِمُهم أنه لم يجيء لقتالِ أحدٍ، وإنما جاء معتمراً، فكان من سيادة عثمان رضي الله عنه أنه عرض عليه المشركون الطَّواف بالبيتِ، فأبى عليهم وقال: لا أطوف بها قبل رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. ولم يرجع عثمانُ رضي الله عنه حتى بلغه صلى الله عليه وسلم أنه قد قُتِل عثمان، فَحَمِي لذلك رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا أصحابَه إلى البيعةِ على القتال، فبايعوه تحت شجرةٍ هناك. ووضعَ صلى الله عليه وسلم إحدى يديه عن نفسهِ الكريمةِ ثم قال: «وهذه عن عثمان» رضي الله عنه، فكان ذلك أجلَّ من شُهوده تلك البيعة. وأنزل الله عزَّ وجلَّ في ذلك: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل أحدٌ ممن بايعَ تحتَ الشجرةِ النارَ» (١)، فهذه هي بيعة الرضوان».

الكلام عليه من وجوه:

١ ــ هذه الحادثة تسمّى ببيعة الرضوان، لأن الله تبارك وتعالى أخبر بأنه قد رضي عن أصحابها في قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨]، وسببها كما أشار المصنف من إشاعة قتل قريشٍ لعثمان بن عفان رضي الله عنه.

٢ ــ وقد اختلف في الشيء الذي بايع الصحابةُ عليه النبيَّ صلى الله عليه وسلم يومها، فذكر المصنف أنهم بايعوه على القتال، ولم أقف على هذه الرواية، إلا أنها صحيحة من حيث المعني، لأن الرواية في الصحيح أنهم بايعوه على الموت، وفي رواية: على أن ألا يفروا، وفي رواية على الصبر، وكلها روايات صحيحة، ولا تعارض بينهما،


(١) صحيح مسلم «٢٤٩٦».

<<  <   >  >>