٥ ــ كما يؤخذ من هجرة النبي وأبي بكر سراً، واختبائهما في الغار مشروعية الأخذ بالأسباب من الحيطة والحذر، وأن هذا لا يتنافى مع كمال التوكل على الله عز وجل.
[خوف أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف:«وجاء المشركونَ في طلبِهما إلى ثَوْرٍ، وما هناك من الأماكنِ، حتى إنهم مرُّوا على بابِ الغارِ، وحاذَت أقدامُهُم رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وصاحِبَه، وعمَّى الله عليهم بابَ الغار. ويقال ـــ والله أعلم ـــ إنَّ العنكبوتَ سدَّت على باب الغارِ، وإن حمامتين عشَّشَتا على بابهِ، وذلك تأويلُ قوله تعالى:{إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٤٠]، وذلك أنَّ أبا بكرٍ رضي الله تعالى عنه لشدَّةِ حِرْصِه بكى حين مرَّ المشركونَ، وقال: يا رسُولَ الله لو أن أحدَهم نظرَ موضعَ قدميه لرآنا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكرٍ، ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما؟».
الكلام عليه من وجوه:
١ ــ قوله:"وجاء المشركونَ في طلبِهما إلى ثور": بيَّنت رواية المسند أن قريشاً إنما استطاعت الوصول إلى فم الغار عن طريق الاستعانة بالقافة الذين كانوا يقصُّون آثار الأقدام (١)، ووصولهم إلى الغار واختبائهما فيه ثلاث أيام
(١) مسند أحمد «٣٢٥١»، وسأذكر درجته بعد قليل عند ذكر حادثة نسج العنكبوت.