للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الفضائل التي أهّلتهم لحمل راية الإسلام وتحمّل أمانة الدعوة إلى دين الحق بعد ذلك.

مجيئ المَلَك في غَار حِرَاء:

قال المصنف: «فَجَاءه الحقُّ وهو بغَار حِرَاء في رمضانَ، ولهُ من العُمُر أربعونَ سنة، فجَاءه الملَكُ، فقالَ: اقرأ. قالَ: لستُ بقارئ، فغتَّه (١) حتى بَلَغ منه الجَهْد، ثم أرسلَه فقال: اقرأ، قال: لستُ بقارئِ ثلاثاً، ثم قالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١ ــ ٥]».

الكلام عليه من وجوه:

١ ــ كافة علماء السيرة على أن مجيء جبريل في الغار كان حقيقة في اليقظة، كما هو ظاهر الروايات الصحيحة.

لكن أشكل على هذا روايةٌ ذكرها ابن إسحاق تفيد أن مجيئه كان مناماً، ولفظها من طريق عُبيد بن عمير: «فجاءني جبريل، وأنا نائم، بنمطٍ من ديباج فيه كتاب، فقال اقرأ» (٢).

ويجاب عن هذه الرواية بأنها رواية مرسلة (٣)، فهي لا تحتمل مخالفة ظاهر روايات الصحيحين الدالة على أن هذا المجيء كان يقظة لا مناماً.


(١) ضمه وعصره.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٢٣٦.
(٣) لأن راويها عبيد بن عمير تابعي، فروايته مرسلة، لكن ما ذكره الدكتور أكرم العُمري في صحيح السيرة ١/ ١٢٩ بأن "إسنادها واه" فيه نظر، فإن عبيد بن عمير من كبار التابعين والإسناد إليه صحيح، وكان بالإمكان قبول روايته هذه لولا معارضتها لظاهر روايات الصحيحين، والله أعلم.

<<  <   >  >>