للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ــ وفي الحادثة دليل على مشاورته صلى الله عليه وسلم أصحابه في المهمات فيما لم يرد فيه نص ملزم، وقد تقدم نظائر عديدة لهذا.

٣ ــ واستدل بعض الفقهاء بهذه الحادثة على جواز عقد الهدنة مع الكفار مع بذل المال لهم إذا اقتضت الضرورة ذلك، كأن يكون بالمسلمين ضعف شديدٌ يخافون معه أن يجتاحهم العدو، من باب دفع أعلى الضررين بأخفهما (١).

إيقاع نُعيم بن مسعود بين قريظة والأحزاب:

قال المصنف: «ثم إن الله سبحانه وله الحمدُ صنَعَ أمراً من عندِه خذَّلَ به بينهم وفلَّ جموعهم، وذلك أن نُعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني رضي الله عنه جاء إلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وقالَ: يا رسُولَ الله إني قد أسلمتُ فمرني بما شئت، فقال صلى الله عليه وسلم: «إنما أنت رجلٌ واحدٌ فخذّل عنّا إن استطعت، فإن الحرب خُدعة».

فذهب من حينه ذلك إلى بني قريظة ــ وكان عشيراً لهم في الجاهلية ــ فدخلَ عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه، فقال يا بني قريظة! إنكم قد حاربتم محمداً، وإن قريشاً إن أصابوا فُرصة انتهزوها، وإلا انشمروا إلى بلادهم وتركوكم ومحمداً، فانتقم منكم. قالوا: فما العملُ يا نُعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن، قالوا لقد أشرت بالرأي.

ثم نهضَ إلى قريشٍ فقالَ لأبي سفيان ولهم: تعلمون ودّي ونصحي لكم؟ قالوا نعم. قال: إن يهودَ ندموا على ما كان منهم من نقضِ عهد محمدٍ وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يمالئونه عليكم. ثم


(١) روضة الطالبين للنووي ١٠/ ٣٣٥.

<<  <   >  >>