للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لخوض هذه المعركة بالرغم من تفوق عدوهم الهائل يعد خطأ استراتيجياً ومغامرة خطرة!!

لكن يجاب عن هذا بأن ما ذكر إنما هو بحسب القوانين الأرضية المادية، وليس بحسب من يجاهد في سبيل الله ويدافع عن عقيدة وإيمان (١).

[اشتداد القتال واستشهاد القادة الثلاثة]

قال المصنف: «فلمَّا كانوا بتخومِ البلْقاء لقُوا جموعَ الروم، فنزل المسلمون إلى جنب قرية مؤتة، والرومُ على قريةٍ يقال لها مَشَارف، ثم التقوا فقاتلوا قتالاً عظيماً. وقُتل أميرُ المسلمين زيدُ بنُ حارثة رضي الله عنه والراية في يده، فتناولها جعفرٌ، وقاتل حتى قُطعت يده اليمنى، فأخذ الراية بيده الأخرى فقُطعت أيضاً، فاحتضن الراية ثم قُتل رضي الله عنه عن ثلاث وثلاثين سنة على الصحيح. فأخذ الراية عبدُ الله بنُ رواحة الأنصاري رضي الله عنه، وتلوَّم بعض التلوّم، ثم صمَّم وقاتل حتى قُتل، فيقالُ: إن ثابتَ بن أقرم أخذ الراية وأراد المسلمون أن يؤمّروه عليهم فأبى.

فأخذ الراية خالدُ بن الوليد رضي الله عنه فانحازَ بالمسلمين، وتلطَّفَ حتى خَلَصَ المسلمون من العدو، ففتح الله على يديه كما أخبر بذلك كلّه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين بالمدينة يومئذٍ، وهو قائم على المنبر، فنعى إليهم الأمراء، واحداً واحداً، وعيناه تذرفان صلى الله عليه وسلم، والحديث في الصحيح (٢).

وجاء الليل فكفّ الكفار عن القتال. ومع كثرة هذا العدو وقلّة عدد المسلمين بالنسبة إليهم لم يُقتل من المسلمين خلقٌ كثيرٌ على ما ذكره أهل السير، فإنهم لم


(١) ينظر غزوة مؤتة لأبي مائلة ص ٢٩٤.
(٢) صحيح البخاري «٤٢٦٢» من حديث أنس بن مالك.

<<  <   >  >>