للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي رحمه الله: "وقد كان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى، ولإظهارهم الإسلام، وقد أمر بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، ولأنهم كانوا معدودين في أصحابه، ويجاهدون معه، إما حمية وإما لطلب دنيا أو عصبية لمن معه من عشائرهم" (١).

٤ ــ وكما أشار الشيخ أبي شهبة (٢) فإن غزوة بني المصطلق على صغرها قد اشتملت على حادثتين عظيمتين، إحداهما كادت تحدث فتنة بين المسلمين وتمزق وحدتهم، لولا أن تداركها النبي صلى الله عليه وسلم بحكمته، يعني حادثة ابن سلول، والثانية حادثة الإفك التي حسم الكلام بشأنها وحي السماء، ونزل بسببها تشريع خالد، وهي ما سيتحدث عنه المصنف في حديثه التالي.

[طعن المنافقين في السيدة عائشة وتبرئة الله لها]

قال المصنف: «وكان في هذه الغزوة (٣) من الحوادثِ قصة الإفكِ الذي افتراه عبدُ الله بن أُبيّ هذا الخبيث وأصحابه، وذلك أن أمّ المؤمنين عائشة بنت الصّدّيق رضي الله عنها كانت قد خرجت مع رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في هذه السَّفْرة، وكانت تُحمل في هَوْدَج، فنزلوا بعضَ المنازل، ثم أرادوا أن يرتحلوا أوّل النهارِ، فذهبت إلى المتبرَّز، ثم رجعت فإذا هي فاقدة عِقْداً لأختها أسماء كانت أعارتها إيَّاه، فرجعت تلتمسه في الموضعِ الذي كانت فيه، فجاء النفرُ الذين كانوا يرحَلُون بها فحملوا الهَوْدَجَ، حملة رجلٍ


(١) شرح النووي على صحيح مسلم ١٦/ ١٣٩.
(٢) السيرة النبوية لأبي شهبة ٢/ ٢٥٤.
(٣) غزوة بني المصطلق السابقة.

<<  <   >  >>