قال المصنف:«ولما أرادَ الله تعالى رحمةَ العِبَاد، وكرامتَه بإرساله إلى العالمين؛ حَبَّب إليه الخلاءَ، فكان يتحنَّثُ بغار حِرَاءٍ، كما كان يصنعُ ذلك متعبّدوا ذلك الزمان، كما قال أبو طالبٍ في قصيدته المشهورة اللاميةِ:
وثَور ومن أرسى ثَبيراً مكانَه … وراقٍ لِبِرّ في حِرَاءٍ ونَازل».
الكلام عليه من وجوه:
١ ــ شرع المصنف رحمه الله في الحديث عن بدايات بعثته صلى الله عليه وسلم وبعض ما تقدمها من حوادث.
وحاصل الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما دنت سنُّهُ من الأربعين حبَّب الله إليه الخلوة عن الناس، فكان يختلي كل عام شهراً (١) بغار حِراء للتعبد والتأمل وإطعام
(١) حدَّد مدة الشهر من كل عام: ابن إسحاق في سيرته ص ١٢١ من رواية عُبيد بن عمير مرسلاً: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كلّ سنةٍ شهراً»، بينما رواية الصحيحين لم تحدّد. لكن يقوي التحديد بالشهر ما ثبت في صحيح مسلم «٢٥٧» من حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً: «جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري نزلت .. ». وقد جزم غير واحد كابن حجر في الفتح ١/ ٣٣ أن ذاك الشهر كان في رمضان.