للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من يمرّ به من المساكين. وسأورد بعد قليل حديث عائشة في وصف خلوته صلى الله عليه وسلم بغار حراء.

٢ ـــ وغار حراء يقع في جبل النور قريباً من مكة (١)، وقد كانت قريش تقصده للتعبد به في الجاهلية كما في سيرة ابن إسحاق عن عُبيد بن عمير بإسناد صحيح مرسل (٢).

ويبدو أن التحنث كان من بقايا دين إبراهيم التي ظلت في قريش على طريقة الاعتكاف (٣).

٣ ــ ولا يعرف على وجه التحديد متى كان بدء هذه العزلة، بيد أن المجزوم به أنها كانت قرب بعثته صلى الله عليه وسلم، كما دل عليه حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: «أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصُّبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنَّث فيه ـــ وهو التعبد ــــ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك .. » (٤).

٤ ــ وفي اختلائه صلى الله عليه وسلم شهراً من كل عام وهو ما عبرت عنه عائشة رضي الله عنها "بالليالي ذوات العدد" دليل على ضرورة مراعاة الاعتدال والوسطية في الأمور كلها بما فيه أمور التعبد، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يخلو أياماً قصيرة جداً في الغار ولا أياماً طويلة جداً،


(١) وهو مطل على الكعبة، ويحتاج الصعود إليه نحواً من نصف ساعة أو أكثر.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٢٣٥.
(٣) فتح الباري ١٢/ ٣٥٥.
(٤) صحيح البخاري «٣» واللفظ له، صحيح مسلم «١٦٠» من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>