وإنما وسطاً بين هذا وذاك، وهو الهدي الذي استمر عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته في أموره كلها.
٥ ــ كذلك يؤخذ من هذه الخلوة حاجة المسلم إلى الاختلاء بين الحين والآخر خلوة إيجابية للتأمل والتفكر والتوبة ومراجعة النفس والتبصر فيها.
٦ ــ وقصيدة أبي طالب اللاميَّة المشار إليها: هي من عيون الشعر العربي، وقد أوردها المصنف بطولها في تاريخه، وقال عنها:"هذه قصيدة عظيمة فصيحة بليغة جداً; لا يستطيع أن يقولها إلا من نُسبت إليه، وهي أفحل من المعلّقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعاً"(١).
٧ ــ وقد كان العالم بأسره عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يعيش في ظلام حالك وجاهلية جهلاء، ومظاهر هذه الجاهلية كثيرة جداً، فبلاد العرب في ذلك الوقت ــ على سبيل المثال ــ كان الناس فيها يعبدون الأصنام، ويستشفعون بها عند الله، وكانوا ينكرون البعث واليوم الآخر، ويقولون: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا، وكانوا يزعمون أن الملائكة بنات الله، وأن الجن شركاء لله، ويطوفون بالكعبة عراة .. هذا فضلاً عن انحرافاتهم الاجتماعية والأخلاقية، كقطع الطريق، وإتيان الفواحش، وأكل الميتة، ووأد البنات .. وغير ذلك مما يطول الحديث عنه، سواء كان في بلاد العرب أو في غيرها من البلدان ذلك الوقت.
لكن هذه الانحرافات والمساوئ التي كان عليها العرب في ذلك الوقت لم تمنع من وجود بعض الفضائل والخصال الحميدة فيهم، كحُبّ الصّدق والشهامة، والأنفة والإباء، والشجاعة والصراحة، وحماية المستجير والمستغيث .. إلى غير ذلك