للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ــ ويضاف إلى هذا سببان آخران ساعدا في إسراع دخول الأنصار في الإسلام؛ أولهما: أن الأنصار كانوا وقتها يعانون فتنناً كبيرة وحروباً حادة بين الأوس والخزرج، وقد مات بسببها كثيرٌ من أشرافهم وأعيانهم، فكانوا يأملون أن تنتهي هذه الحروب بدخولهم في الإسلام.

يشهد لذلك قول الأنصار يومها للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك" (١).

والسبب الثاني: ما طبع عليه الأوس والخزرج من رقة الطبع ولين الجانب والبعد عن المغالاة في الكبرياء.

فقد كانت أصولهم ترجع إلى اليمن الذين وصف النبي صلى الله عليه وسلم أهلها بقوله: «أتاكم أهل اليمن، أرق أفئدة وألين قلوباً» (٢).

حديث سُويد بن الصَّامت وإسلامُ إياس بن معاذ:

قال المصنف: «وكان سُويدُ بن الصَّامت أخو بني عَمرو بن عوف بن الأوس قد قَدِمَ مكة، فدعاه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فلم يُبْعد ولم يُجب، ثم انصرفَ إلى المدينةِ، فقُتل في بعض حُروبهم. ثم قَدِمَ مكة أبو الحَيْسر أنسُ بن رافع في فتيةٍ من قومه من بني عبد الأشهل، يطلبون الحِلْف، فدعاهم رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلامِ، فقال إياس بنُ مُعاذ منهم ــ وكان شاباً حَدَثاً ــ: يا قومُ، هذا والله خيرٌ مما جئنا له، فضربه أبو الحَيْسر وانتهره، فسكتَ، ثم لم يَتِمّ لهم الحِلْف، فانصرفوا إلى بلادهم إلى المدينةِ،


(١) المصدر السابق بالإسناد نفسه.
(٢) صحيح البخاري «٤٣٨٨»، صحيح مسلم «٥٢».

<<  <   >  >>