يا قومُ، الغنيمة الغنيمة. فذكَّرهم عبدُ الله بن جُبير تقديمَ (١) رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إليه في ذلك، فظنوا أن ليس للمشركينَ رجعة، وأنهم لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، فذهبوا في طلبِ الغنيمة.
وكرَّ الفرسانُ من المشركينَ فوجدوا تلك الفُرجة قد خلت من الرُّماة فجازوها وتمكنوا، وأقبل آخرُهم، فكان ما أرادَ اللهُ تعالى كونُه، فاستشهد من أكرمهم الله بالشَّهادةِ من المؤمنين، فقُتِل جماعة من أفاضل الصحابة، وتولّى أكثرُهم».
الكلام عليه من وجوه:
١ ــ حاصل هذا أن معركة أحد مرّت بثلاث مراحل؛ ففي بداية المعركة حقق المسلمون نصراً كبيراً ضد المشركين، حتى إن المشركين ولَّوا هاربين، وأخذ المسلمون في جمع غنائمهم.
لكن بعد أن تخلَّى أكثر الرماة عن أماكنهم وخالفوا وصيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، تمكن المشركون من الالتفاف عليهم من خلفهم، وإحداث نكسة للمسلمين أدت إلى اضطراب أمرهم وقتل كثير منهم.
وفي المرحلة الأخيرة أخذ المسلمون يستعيدون السيطرة مرة أخرى ويقاتلون ببسالة، حتى حال اقتراب الليل بين الفريقين دون أن يحقق أحدهما نصراً حاسماً على الآخر.
وقد خاف المشركون أن ينقلب الأمر ضدهم، ويحقق المسلمون نصراً قوياً فكفُّوا عن القتال وانصرفوا.
(١) يقصد بالتقديم: ما أخذه النبي صلى الله عليه وسلم من العهد عليهم ألا يبرحوا مكانهم.