للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُزلزلهم، فجعلوا لا يَقِرُّ لهم قرارٌ، ولا تثبت لهم خيمةٌ ولا طُنُبٌ (١)، ولا قِدْرٌ ولا شيءٌ. فلما رأوا ذلك ترحّلوا من ليلتِهم تلك.

وأرسلَ صلى الله عليه وسلم حُذيفة بنَ اليمان يخبُر له خبَرهم، فوجدهم كما وصفنا، ورأى أبا سفيان يُصْلي ظهره بنار، ولو شاء حُذيفة لقتله، ثم رجعَ إلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فأخبره برحيلهم. فلمَّا أصبحَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم غدا إلى المدينةِ وقد وضعَ الناسُ السلاحَ، فجاء جبريلُ عليه السلام إلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو يغتسلُ في بيت أمّ سلَمة، فقالَ: أوضعتم السلاحَ؟ أما نحنُ فلم نضعْ أسلحتنا، انهد (٢) إلى هؤلاءِ، يعني بني قريظة».

الكلام عليه من وجوه:

١ ــ حاصل ما ذكره المصنف أن الله عز وجل لما أراد هزيمة الأحزاب أرسل عليهم ريحاً باردة شديدة في ليلة مظلمة فكفأت قدورهم واقتلعت خيامهم وأطفأت نيرانهم، فضاق المشركون بها وبطول الانتظار والحصار ذرعاً فتنادوا بالرحيل وانصرفوا. والخبر بذلك ذكره ابن إسحاق بدون إسناد، وأخرجه ابن سعد من رواية سعيد بن جبير مرسلاً (٣).

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحادثة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: ٩].


(١) الطنب: حبل يشد به الخيمة ونحوها.
(٢) يقال نهد الرجل: إذا نهض وقام.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٣٢، طبقات ابن سعد ٢/ ٥٥.

<<  <   >  >>