للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومجاعة عظيمة، فلم يكن يأتيهم طعام إلا خفية من بعض المتعاطفين، حتى إنهم أكلوا جلود البهائم وأوراق الشجر.

ولعل مما يصور ذلك ما روي عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: "لقد جعتُ حتى إني وطئت ذات ليلة على شيء رطْب فوضعته في فمي فبلعته، وما أدري ما هو إلى الآن" (١)

٥ ــ وقد ذكر كتاب السيرة أن أبا طالب كان من شدّة خوفه على النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام يأمر بعض بنيه أن ينام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يقتله أحد (٢).

٦ ــ وقد استمر هذا الحصار ثلاث سنوات (٣) حتى قام بعض ذوي المروءة والشرف من قريش ممن كانوا كارهين لهذا الحصار منذ البداية، فأجمعوا أمرهم على نقض الصحيفة، وسعوا في ذلك حتى تم مرادهم.

وبذلك أُنهي الحصار وبطل ما في الصحيفة دون أن تحقق قريش شيئاً من أهدافها المرجوة.

٧ ــ وفي مؤازرة مشركي بني هاشم وبني المطلب للنبي صلى الله عليه وسلم ووقوفهم معه في سنوات الحصار دليل على أن المجتمعات غير المسلمة لا تخلوا من أهل الشيم والمروءات الذين يمكن للمسلم الاحتماء بهم والإفادة منهم أيام الشدائد والمحن.

٨ ــ ولم ينس النبي صلى الله عليه وسلم معروف الذين وقفوا معه في هذه الضائقة، ففي


(١) الروض الأنف ٣/ ٣٥٤.
(٢) سيرة بن إسحاق ص ١٦٠.
(٣) بهذا جزم موسى بن عقبة، بينما قال ابن إسحاق: سنتين أو ثلاث، انظر فتح الباري ٧/ ١٩٢.

<<  <   >  >>